للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر من فوائده، التحرز عن ذكر الفواحش السخيفة بالكنايات اللطيفة مستشهداً على ذلك بقوله تعالى: {وإِذَا مرُّوا باللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} (١) . . . أي كنوا عن لفظه، ولم يوردوه، فإنهم أكرموا أنفسهم عن التلفظ به، كما روى عن بنت أعرابي صرخت صرخة عظيمة، فقال لها أبوها: مالك؟ قالت: لدغني عقرب. قال لها أين؟ قالت: في الموضع الذي لا يضع فيه الراقى أنفه. وكانت اللدغة في إحدى سوأتيها، فتنزهت بذكرها عن لفظها (٢) .

وسيأتي الحديث عن الكتابين السابقين بشيء من التفصيل في موضعهما من هذا البحث إن شاء الله (٣) .

أمّا التَّلَطُف بالمعنى الاصطلاحي فقد عُرِف في الدراسات الغربية الحديثة بمصطلح يوناني (Euphemism) تعنى الدلالةُ الحرفيةُ له الكلامَ الحسن (Well speaking) (٤) .

وقد تُرْجِمَ هذا المصطلح في العربية بألفاظٍ مختلفةٍ، فهو عند الدكتور كمال بشر

((حسنُ التعبير)) (٥) ، وعند الدكتور كريم زكي ((تحسينُ اللفظ)) (٦) ، وعند الدكتور أحمد مختار ((التَّلَطُف)) (٧) . وعند الدكتور محمد علي الخولي ((لطف التعبير)) (٨) .

وقد عرّفه أولمان بأنه: وسيلة مقنعة بارعةٌ لتلطيفِ الكلامِ وتخفيفِ وقعه (٩) . وعرّفه أحمد مختار بأنه: إبدال الكلمةِ الحادةِ بكلمةٍ أقل حِدّةٍ أو أكثرَّ قبولاً (١٠) . وعرّفه محمد علي الخولي: بأنه استبدال تعبير غير سار بآخر أكثر مقبولية منه (١١) .

ويُعَدُّ هذا الأسلوبُ الوجهَ المشرق لظاهرةِ اللامِسَاسِ أو المحظوراتِ اللغوية، حيث يرى بعض علماء اللغة المحدثين أنَّ استبدال الكلماتِ اللطيفةِ الخالية مِن أىِّ مغزى سيءٍ أو مخيفٍ بكلمات اللامساسِ أو المحظورات اللغوية يُعَدُّ ضرباً من ضروب التَّلَطُف أو حسن التعبير أو تحسين اللفظ (١٢) .

مواقف التَّلَطُف في الكلام

يعمد المتكلمُ إلى هذا الأسلوب في موقفين:

<<  <  ج: ص:  >  >>