للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((فمن فوائده التحرزُ عن ذكرِ الفواحشِ السخيفة بالكنايات اللطيفة، وإبدال ما يَفْحُشُ ذِكْرُه في الأسماع، بما لاتنبو عنه الطباعُ،.. ومنها تركُ اللفظِ المتطير به إلى ماهو أجملُ منه ... ومنها الأمورُ الجاريةُ بين البلغاءِ والأدباءِ ومداعباتهم بمعاريضَ لايفطن لها إلا البلغاءُ ... ومنها التوسعُ في اللغاتِ، والتفنِنُ في الألفاظِ والعبارات..)) (١) .

أمَّا المَعِينُ الذي نهلا منه مادَة كتابيهما فهو القرآن الكريمُ، وأخبارُ الرسول (( ()) وكلامُ العربِ من قلائد الشعراءِ، ونصوصِ البلغاءِ، وملح الظرفاءِ في أنواع النثر والنظم (٢) .

وبالتأمل في أبوابِ الكتابين نلحظ أنَّ أبوابَ الثعالبي في كتابه (الكنايةِ والتعريض) أشملُ للدوافعِ النفسيةِ والعاطفية التى تدفع المتكلمين إلى التَّلَطُف، ففي حين قصر الجرجانيُّ معظمَ أبوابه على العلاقة بين الرجل والمرأة -الألفاظ الجنسية- وما يتصل بها، نجد الثعالبيَّ يضيفُ أبواباً جديدة تتعلق ببعض العاداتِ والعقائدِ العربيةِ كالتفاؤلِ والتشاؤمِ والعيوب الخَلْقِيةِ والخُلُقِيةِ وما يتصل بها.

ومن أمثلة الكتابين ما يلي:

يقول الثعالبيُّ: ((العربُ تكنى عن المرأة بالنعجة والشاةِ والقلوص والسرحة والحرثِ والفراشِ والعتبةِ والقارورةِ ... وبكلها جاءت الأخبارُ ونطقت الأشعارُ ... )) (٣) ثم يأتي بشواهد على ذلك من النثر والشعرِ وأحياناً من القرآن الكريم. ويختمُ كلامه حول هذه الكناياتِ الخاصةِ بالمرأة بقوله (٤) : ((وإنما تقع مثلُ هذه الكنايةِ ممّن لايجسرون على تسميتها أو يتذممون من التصريح بها)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>