للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل تجاوز العربُ ذلك إلى المبالغةِ في الوصفِ، فوصفوا الأشياءَ بغير صفاتِها الحقيقيةِ خوفاً عليها من العينِ والحسدِ، قال أبوعبيدةَ:

((مهرةٌ شوهاءُ قبيحةٌ وجميلةٌ، قال أبوحاتم مفسراً ذلك: لا أظنهم قالوا للجميلةِ شوهاء إلا مخافةَ أن تُصيبَها عينٌ، كما قالوا: للغراب أعورَ لحدةِ بصرِهِ)) (١) .

ثانياً: التحريفُ الصوتيُّ:

إنّ الأثرَ الناجم من التحرّج من استعمال المفرداتِ لاينحصرُ في الاستعمالِ المجازيِّ بل يتجاوَزُهُ إلى التحريفِ الصوتيِّ للكلمةِ، وذلك عن طريقِ الإبدالِ لتخفيفِ ما تنطوي عليه الكلمةُ من الخطرِ أو الاستهجان، دون أن ينقص ذلك من قيمتها الدلاليةِ - على حد قول بعض المحدثين (٢) - وفي استطاعة كلِّ إنسان في هذه الحالةِ أن يفهمَ المرادَ على الفورِ، وكأنَّ اللسانَ قد زلَّ وهو ينطق الكلمة ولكنَّ الخطأَ هنا متعمدٌ لغاياتٍ خفيةٍ أو لمراعاة التَّلَطُف.

ونلاحظ هذا التحريفَ الصوتيِّ للكلماتِ واضحاً في مجالِ العلاقةِ بين الرجل والمرأة ومايتصل بها، ومن أمثلة ذلك (٣) :

قولُهم: بكَّ الرجلَ المرأةَ يبكها بكا، وهكها يهكها هكا.

وقولهم: طفزها وطعسها وطخزها وطحسها ودعزها ودعسها (٤) .

وكلها كنايات عن الجماع.

وقولهم (٥) : عسلها وغسلها، وحَطَأَها وفَطَأها، عَصَدَها وعَزدها ودَسَمَها ودَفَسَها، وفَحَجَها وفَخَجَها، كلٌ ذلك إذ نَكَحَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>