للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعرّف المحدثون النقد بناء على المعنى الأول في الاستعمال اللغوي فيقولون: إنه التقدير الصحيح لأي أثر فني وبيان قيمته في ذاته ودرجته بالنسبة إلى سواه، فكلمة النقد تعني في مفهومها الدقيق الحكم، وهو مفهوم نلحظه في كل استعمالات الكلمة حتى في اشدها عموما (٢) . وبهذا يصبح الناقد لا مجرد متعقب للأخطاء بل صاحب دور إيجابي متمم لدور المؤلف، فهو أقدر على فهمه من فهمه لنفسه (٣) .

ولعل وظيفة النقد الأساسية تتمثل في أنه ينير سبل الأدب أمام القرّاء ويغريهم بالسير فيه ويلفت أنظارهم إلى ما فيه من جمال لا يستطيعون أن يدركوه بأنفسهم، ذلك أن القارئ مهما كان ذكيا قادرا على فهم الأدب فإنه يظل بحاجة إلى معونة الناقد الذي تهيأت له كل أدوات النقد الصحيح، فعن طريقه يستطيع القارئ العادي أن يرى ما يكمن في روائع الأدب من صفات القوة والجمال، والناقد كثيرا ما يعطي وجهة نظر جديدة تماما، أو ينقل إلى تعبير محدد واضح بعض احساسات القراء الشائعة المبهمة، أو يرشد إلى جوانب غير منظورة فيما يمر به القراء في طريقهم (٤) .

وحتى تتحقق وظيفة النقد بالشكل الصحيح لا بد أن تتوافر في أي ناقد مجموعة من الشروط، أهمها أن يكون ذا موهبة قادرة على تذوق مواطن القوة والجمال الأدبي وعلى الكشف عنها وجلائها وبيان أسبابها ووجودها، خبيرا بالأدب عالما بفنونه، ضليعا فيه، واسع الاطلاع عليه والمخالطة له دارسا لآراء الأقدمين حوله، عارفا بطرقهم ومناهجهم واتجاهاتهم، ملما من كل فن بطرف، متجردا من استبداد الهوى به، معتدلا في حكمه، جاعلا الحق وصواب الرأي هدفه وغايته (٥) سريع الاستجابة لكل التأثيرات، قوي الفهم للأساسيات (٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>