" إن القول بإبداع رجل وبإبداع امرأة، أي تمييز الإبداع على أساس جنس الفاعل هو قول لا يخلو من خطورة، خطورة قراءة الأثر بقراءة صاحبه لا بمعنى إضاءة الأثر بمرجعية في صاحبه، بل بمعنى المماثلة بين الأثر وصاحبه، أو إسقاط الثاني على الأول، وفي ذلك تقديم للفاعل على الموضوع أو للشخص على الإبداع أو للعارف على المعرفة أو للمحاكم على القول أو للسلطة على الثقافة. . . . وإذ توضع المرأة خلف الرجل يصير كل ما يكتبه الرجال افضل من كل ما تكتبه النساء، كما قد يصير ما يكتبه الأسياد أفضل مما يكتبه (١١) .
إن مثل هذا الإصرار على تجاوز التمايز في أي ظاهرة إبداعية بين الرجل والمرأة قد يقلل - في رأيي - من أهمية هذا الظاهرة ويولد قلقا واضطرابا في فهمها ومتابعة خيوطها والوقوف على ابرز روادها ودورهم في تطويرها وإثرائها ففي الوقت الذي كنا نتجاوب فيه مع المرأة في مطالبتها بعدم الفصل بين أدب الرجال وأدب النساء في أي قطر عربي على اعتبار أن المرأة الأديبة قد أدّت رسالتها الأدبية منذ اقدم العصور شعرا ونثرا وسجلت بصمات واضحة في هذا الميدان منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث، فإننا نجد انه من الصعب أن نقر بهذا المطلب، وان نتجاوز هذا التمايز في حقل النقد. فثمة فارق كبير جدا بين نقد الجنسين كما وكيفا. . هذا إذا ما علمنا أن الحركة النقدية النسائية تكاد تكون حركة وليدة. . . لا يتجاوز عمرها الحقيقي بضع سنوات وتقتصر على عدد معين من الناقدات في حين أن نقد الرجال قد رافق الأدب منذ اقدم العصور، وحقق إنجازا واسعا على كافة الأصعدة.