للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك يقول د. علي جواد الطاهر " وإذا كان النقد الغربي - بالمعنى الصحيح - قد ولد في القرن التاسع عشر فليس غريبا أن يولد نقدنا متأخرا عنه ... متأثرا به ... في القرن العشرين - إن شئت قلت متأثرا ... والمسألة اكثر من تأثر" (٢٤) .

ولكي يكتمل الحديث عن النقد النسائي عبر العصور المتعاقبة لا بد أن أجتهد في تحديد الأسباب التي أدت إلى اختفاء هذا النقد منذ من العصر الجاهلي وحتى منتصف هذا القرن تقريبا، وعلى النحو التالي:

١- إن دور المرأة في بناء الحضارات القديمة يكاد يكون هامشيا لأن مشاركتها الفكرية لم تكن ناضجة، ولما كان النقد جزءا من الفكر فإنه من غير المأمول أن يكون للمرأة دور مميز في ذلك.

٢-إن العادات والتقاليد التي تحكم مجتمعنا كانت - وما زالت - عائقا أمام المرأة في مزاولة مختلف الأشكال الأدبية ولذلك فان معظم أعمالها الأدبية جاءت تحت أسماء مستعارة، وهذا الأمر ينسحب على النقد، لا بل قد يكون اكثر تعقيدا وصعوبة.

٣- إن الثقافة التي كانت تتمتع بها المرأة تكاد تكون متدنية ولا تساعد في امتلاك أدوات النقد الحقيقية.

ومع حلول منتصف هذا القرن، شهدت الحركة النقدية النسائية نقلة واسعة - كما وكيفا - وأضحى هذا النوع من النقد عملا مستقلا لا يمكن إغفاله بأي حال من الأحوال، وظهر اثر تطوره واضحا من خلال إسهامه في دفع حركة النقد العربية المعاصرة إلى الأمام واحتلالها مكانة مميزة ومرموقة، ولعل هذا التطور عائد لغير عامل أهمها:

١- أن دخول المرأة للحياة العملية واحتكاكها من خلال العمل بالرجال قد أعطاها دفعة قوية وجعلها اكثر ثقة بنفسها.

٢- شعور المرأة بان النقد رسالة أدبية واجتماعية وسياسية يؤديها الناقد، وأنها جزء من هذا المجتمع وعليها أن تحمل هذه الرسالة بكل أمانة وإخلاص.

٣- التحصيل الثقافي العالي الذي صارت تتمتع به المرأة وهو جزء من الثقافة العالية التي صار يتمتع بها المجتمع بشكل عام.

<<  <  ج: ص:  >  >>