وإني إذ أحمدُ الله سبحانه على توفيقه لي في الشروع في تحقيق هذا الكتاب، كلِّي أملٌ أن يقع عملي هذا موقع الرِّضَا والقَبُولِ لدى أهل العربيَّة الخالدة. وقد بذلتُ فيه ما وسعني من جهدٍ، ولم أضنَّ عليه بوقتٍ أو بحثٍ أو مشورة فإن أصبتُ فيما أسلَفْتُ فمن الله سبحانه، وأسألُهُ أن يجعَلَ عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، ومُدَّخراً لي في صالح العمل، أزدلفُ به إليه يوم الحشر الأكبر، وإنْ كنتُ أخطأتُ أو أسأتُ في عملي، فأستغفرُ الله العظيم منه، وأُذكِّرُ كلَّ مَن يقفُ على شيءٍ من ذلك بقول الإمام الخطابي (١)(رحمه الله) : ((وكلُّ مَن عَثَرَ منه على حرفٍ أو معنًى يجبُ تغييرُهُ فنحنُ نناشدُهُ الله في إصلاحه وأداءِ حقِّ النَّصيحة فيه، فإنَّ الإنسانَ ضعيفٌ لا يَسْلَمُ من الخطأ إلاَّ أنْ يعصِمَهُ الله بتوفيقه، ونحنُ نسألُ الله ذلك، ونَرْغَبُ إليه في دَرَكِهِ، إنَّه جَوَادٌ وَهُوبٌ)) . والشُّكرُ مزجًى إلى كلِّ مَن يقفُ على خطأٍ فيه فيُرشدُني إليه، ورَحِمَ الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي. والرجاء موصولٌ لكلِّ مَن ينظُرُ فيه أن يخصَّني بدعوةٍ صالحةٍ بظهر الغيب.
وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمِّد وعلى آله وصحبه وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
• • •
أبو عليٍّ الفارسيُّ:
هو الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الغفَّار بنِ سليمانَ الفارسيُّ الفَسَويُّ النَّحويُّ، أبو عليٍّ (٢) ، المشهورُ في العالم اسمُهُ المعروفُ تصنيفُهُ ورسمُهُ، أوحدُ زمانه في علم العربيَّة. من أكابر أئمَّة النَّحويين. عَلَتْ منزلتُهُ بينهم حتى فضَّله قومٌ من تلامذته على المبرِّد. قال فيه أبو طالبٍ العبديُّ: ما كان بين سيبويه وأبي عليٍّ أفضلُ منه.