ولَمَّا صَحَّت عزيمتي في إخراج بعض تلك الكُتُبِ التي غُمِطَتْ أقدارُها، وضُرِبَ عنها صفحاً، وجَّهتُ شطري نحو كُتُبِ أبي عليٍّ (رحمه الله) لعلِّي أكونُ أحدَ خَدَمَتِهَا، فرأيتُ منها كتابَين جليلَين، لهما نُسَخٌ متوافرةٌ لَمَّا يَرَيَا النورَ بعدُ، وهما ينتظران العناية والاهتمام:
أولهما: كتابُ ((الإغفال)) ، وهو موضوع تحقيقنا.
وثانيهما: كتاب ((المسائل الشِّيرازيَّات)) . وهذا الكتاب قد قيَّضَ الله له أستاذَنَا الفاضلَ الدُّكتور حسن بن موسى الشَّاعر؛ حيث ندب نفسه لإخراجه، فسح الله في مدَّته، وسهَّلَ أمره لإتمامه.
ولَمَّا كانت لأبي عليٍّ رحمه الله تلك الشُّهرةُ الذَّائعةُ بين أهل العربيَّة، وكان كثيرٌ من الأساتذة والباحثين قد أفاضوا في الحديث عنه، وعن حياته العلميَّة، ومؤلَّفاته، وسائرِ جوانب حياته، وعلى رأسهم أستاذيَ الفاضلُ الدُّكتور عبد الفتَّاح إسماعيل شلبي في سِفْره النفيس ((أبو عليٍّ الفارسي)) ؛ إذ كان وافياً شافياً. أضِف إليه مقدِّمات المحقِّقين الأفاضل الذين قاموا بنشر كتبه، وتحدَّثوا في صدر تحقيقاتهم عنه بإسهابٍ؛ لهذا سوف أقتضب الحديث عن أبي عليٍّ وسيرته فأعطي منها صورةً مقتضبةً لمن أرادها على طرف الثُّمام.