للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنْ قدَّرْتَه على التَّخفيف القياسيِّ فكأنَّ الأصلَ ((الإلاه)) ، ثُمَّ خَفَّفْتَ الهمزةَ وما قبلها ساكنٌ فحذَفْتَهَا وألقَيْتَ حَرَكَتَهَا على السَّاكن، فاجتمع مِثْلان، فسَكَّنْتَ الأوَّلَ وأَدْغمْتَ. وعلى هذا التَّقدير قولُهُ - عز وجل -: {لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} (١) إلاَّ أنَّ توجيهَ الاسم على ما ذهب إليه سيبويه القولُ؛ لِمَا ذكرْتُ لكَ.

وذكَرَ أبو بكرٍ عن أبي العبَّاس أنَّ الكِسَائيَّ (٢) أجازَ: {بِمَا أُنْزِلَّيْكَ} في قوله:

{بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (٣) فأدغَمَ اللاَّمَ الأُولى في الثَّانية، وشَبَّهَهُ بقوله: {لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} . قال أبو العبَّاس (٤) : هذا خطأٌ؛ لأنَّ ما قبلَ الهمزة من ((لكنْ أنا)) ساكنٌ، فإذا خَفَّفْتَ حَذَفْتَ فَأَلْقَيْتَ الحركةَ على السَّاكن. وما قبل الهمزةِ في {أُنْزِلَ إِلَيْكَ} متحرِّكٌ، فإذا خَفَّفْتَ لم يَجُزِ الحذفُ،كما جاز في الأَوَّلِ، لكن تجعَلُ الهمزةَ بين بين (٥) ، فإذا لم يَجُزِ الحذفُ لم يَجُزِ الإدغامُ لحجز الحرفِ بين المِثْلَين. وهذا الذي قاله أبو العبَّاس ظاهرٌ بيِّنٌ.

فإن قال قائلٌ: تُحذَفُ الهمزةُ حذفاً كما حُذفت من ((الناس)) .

قيلَ: أماَّ الخطأُ في التَّشبيه فحاصلٌ؛ إذ شَبَّهَ بين مختلِفَين من حيثُ شَبَّهَ. أمَّا هذا الضَّرْبُ من الحذف فلا يجوزُ تسويغُهُ حتَّى يتقدَّمَهُ سماعٌ. ألا ترى أنَّه لا يجوزُ حَذْفُ الهمزةِ من ((الإباء)) و ((الإياب)) ،كما كان في ((النَّاس)) وليس كذلك الحذفُ فيما كان من الهمَزَات ما قبله ساكنٌ؛ لأنَّ حَذْفَ ذلك قياسٌ مُطَّردٌ مستمرٌّ.

فإن قال قائلٌ: أفليس الهمزةُ قد حُذِفَت من قولهم: ((وَيْلِمِّهِ)) (٦) ، وفي قولهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>