قيلَ: إنَّ المقلوبَ قد جاء في غير هذا الموضع على غير زِنَةِ المقلوب عنه. ألا ترى أنَّهُم قالوا:((له جاهٌ عند السُّلطان)) ، فجاء على (عَفَلٍ)(١) ، وهو مقلوبٌ عن ((الوجه)) ، فهذا وإنْ كان عكسَ ما ذَكَرْناه من القلب الذي ذهب إليه سيبويه في الاسم في الزِّنَةِ، فإنَّه مثلُهُ في اختصاص المقلوب ببناءٍ غيرِ بناء المقلوب عنه، وهذا يؤكِّدُ ما ذكَرْناه من مشابهة القلب بالتَّحقير / والتَّكسير. ألا ترى أنَّ البناءَين اختَلَفَا،كما اختَلَفَ التَّحقيرُ والتَّكسيرُ.
فأمَّا بناءُ الاسم فلأنَّه تَضَمَّنَ معنى لامِ المعرفة كما تَضَمَّنَها ((أمسِ)) ، فبُني كما بُني، ولم يُجعَل في القلب على حدِّ ما كان قبل القلب، فكما اختلَفَ البناءان،كذلك اختلف الحذفان، فكان في القلب على حدِّه في ((أمسِ)) دون ((سَحَر)) ، وقبلَ القلبِ على حدِّ الحذف من اللَّفْظِ للتَّخفيف لاجتماع الأمثال وتقديرِ الثَّبات في اللَّفظ، نحو:
{تَذَكَّرُوْنَ}(٤) في مَن خَفَّف، و ((يَسْطِيع)) وما أشبه ذلك.
وحَكَى أبو بكرِ بنُ السَّرَّاج أنَّ أبا العبَّاس اختارَ في هذا الاسم أنْ يكونَ أصلُهُ:
((لاهاً)) ، وأنْ يكونَ ((لَهْيَ)) مقلوباً، وأنَّ القولَ الآخَرَ الذي لسيبويه فيه من أنَّه من قولهم:((إلاهٌ)) (٥) ، وتشبيهَ سيبويه إياه ب ((أُناس)) ليس كذلك، وذلك أنَّهُ يقال: أُنَاسٌ والأُناسُ (٦) ، فإذا أدخَلَ الألِفَ واللاَّمَ ثبَتَت الهمزةُ.
قال: وأنشَدَني أبو عثمانَ المازنيُّ:
إِنَّ الْمَنَايَا يَطَّلِعْنَ على الأُنَاسِ الآمِنِيْنَا (٧)