قال: فمِن حُجَّتَهِم أنْ يقولوا: إنَّ الزَّائِدَ جاء لمعنًى، فهو أَولى بأنْ يُترَكَ فلا يُحذَفَ؛ إذ الزَّائِدُ لمعنًى إذا حُذِفَ زالت بحذْفِهِ دلالتُهُ التي جاء لها، وقد رأيناهم يحذفون من نفس الكلمة في قولهم: لَم يَكُ، ولا أَدْرِ، ولم أُبَلْ (١) ؛ إذا كان الذي أُبقِيَ يدلُّ على ما أُلغِيَ، فكذلك يكونُ المحذوفُ من هذا الاسم ما هو من نَفْسِ الحرف، ويكونُ المبَقَّى الزَّائِدَ وأيضاً فما يُحذَفُ من هذه المكرَّراتِ إنمَّا يُحذَفُ للاستثقال، وإنمَّا يقعُ الاستثقالُ فيما يتكرَّر لا في المبدوءِ به الأَوَّلِ فالأَولى أنْ يُحذَفَ الذي به وقَعَ الاستثقالُ، وهو الفاءُ وحرفُ التَّعريف. ألا ترى أنَّهُم يُبدِلونَ الثَّانيَ مِن نحو:((تَقَضَّيتُ)) ونحوِهِ، و ((آدَمَ)) وشبهِهِ، وكذلك حُذِفَتِ النُّونُ التي تكونُ مع علامةِ المتكلِّم المنصوبِ (٢) من ((كأنِّي)) لَمَّا وقَعَت بعد النُّونِ الثَّقيلةِ.
وأيضاً فإنَّ الحرفَين إذا تكرَّرا فكان أحدُهما لمعنًى، وكان الآخَرُ من كلمةٍ، حُذِفَ الذي من الكلمة، وتُرِكَ الذي جاء لمعنًى وذلك نحو:((تكَلَّمُ)) ، فالمحذوفُ تاءُ (تَفَعَّلُ) لا التَّاءُ التي فيها دليلُ المضارَعَةِ، وكذلك يكون قولُهُم:((لاهِ أبوكَ)) . انتهت الحكايةُ عن أبي العباس.