فالقول: إنَّ هذا التَّقديرَ فيه غيرُ سائغٍ؛ ألا ترى أنَّ ((عصًا)) وما أشبهها ممَّا يُحكَمُ في حرف العلَّة منه بالنَّصب يَثْبُتُ في حال الرِّفعِ والجرِّ ثَباتَهُ في حال النَّصْب، وليس ((إيَّا)) كذلك؛ لأنَّها تقعُ في موضع النَّصْبِ دون الموضعَين الآخَرَين (١) ، (فليس ((إيَّا)) إذاً مثلَ ((مِعْزى)) ونحوِهِ، فيكونُ الآخِرُ منه في موضعِ نَصْبٍ) (٢) ،كما أنَّ الأواخِرَ من الظَّاهرة كذلك لكنَّه في موضع نصبٍ، (كما أنَّ الكافَ مِن ((رأيتُكَ)) في موضع نَصْبٍ) (٣) ، وكما أنَّ ((هُوَ)) و ((أنتَ)) في نحو: ((ما جاء إلاَّ أنتَ)) ، و ((ما قام إلاَّ هُوَ)) في موضع رَفْعٍ؛ لأنَّ ((إيَّا)) كنايةٌ لازمةٌ لموضِعٍ،كما أنَّ الكافَ و ((هُوَ)) و ((أنتَ)) ونحوَها كناياتٌ لازمةٌ لمواضِعَ، فكما لا يُحكَمُ لآخِرِ ((هُوَ)) و ((أنتَ)) ونحوِهما بحركةٍ تكونُ بها في موضع رَفْعٍ، كذلك لا يُحكَمُ لآخِرِ ((إيَّا)) بحركةٍ تكونُ بها في موضع نَصْبٍ.
وقولُ أبي إسحاقَ في آخِرِ الفصل:((إنَّ الهاء في (إيَّاهُ) مَجْرَاها كالَّتي في عَصَاهُ)) إنْ أرادَ به شرحَ ما ذهب إليه من أنَّ ((إيَّا)) اسمٌ ظاهرٌ في موضع نَصْبٍ، كما أنَّ الأواخِرَ من المعتلَّة نحو:((عصًا)) و ((مِعْزًى)) محكومٌ في مواضعها بحسَبِ الإعراب الذي يستحقُّهَا، فهو فاسدٌ لِمَا ذَكَرْنَاه، وإنْ أرادَ أنَّ اتصالَهُ بالهاء على حدِّ اتصالِ ((عصًا)) به في أنَّ الألِفَ تبقى على سكونها وصورتها،كما يكونُ في ((عصًا)) كذلك، ولا تنقلبُ ياءً كما تنقلب التي في ((إليه)) و ((عليه)) فهو صحيحٌ.
ويدل أيضاً على أنَّه اسمٌ مضمَرٌ أنَّه في المنصوب / نظيرُ ((أنتَ)) في المرفوع، فكما أنَّ ((أنتَ)) مضمَرٌ،كذلك قولُنا:((إِيَّاكَ)) مضمَرٌ.