وأمَّا قولُهُ - عز وجل -: {الم * الله} فمذهبُ سيبويهِ (١) فيه أنَّه حُرِّكَ لالتقاء السَّاكنين، والسَّاكنُ الذي حُرِّكَ له الميمُ هو لامُ التَّعريف. والدَّليل على صحة ذلك أنه لا يخلو من أن يكون محرَّكاً لالتقاء السَّاكنين كما ذهب إليه، أو حُرِّكَ لأنَّ فتحةَ الهمزة أُلْقِيَت عليه،كما قال مَن خَالفَه (٢) ، فتبيَّنَ أنه لا يجوزُ أنْ تكونَ (٣) الحركةُ للهمزة؛ إذ هذا الحرفُ رَسْمُهُ وحُكْمُهُ أن يُجتَلَبَ (٤) في الابتداء إذا احتِيجَ إلى اللَّفظ بحرفٍ ساكنٍ دون الصِّلة والإدراج. فإذا اتَّصل السَّاكنُ المجتلَبُ له هذا الحرفُ بشيءٍ قبلَه، استُغْنِيَ عنه فحُذِفَ، ولم يُحتَجْ إليه فاطُّرِحَ. فإن كان المتَّصلُ به السَّاكنُ متحرِّكاً بقي على حركته، نحو: ذَهَبَ ابنُكَ، وإن كان حرفاً ساكناً غيرَ لِينٍ أو مضارِعاً لِلِّين حُرِّكَ نحو:{عَذَابٍ ارْكُضْ}(٥) و {أَنْ لَّوِ اسْتَقَامُوا}(٦) وزَيدُنِ العاقلُ، ونحو ذلك، فكذلك الهمزةُ في اسم ((الله)) من قوله: {الم * ألله} إذا اتَّصَلَ بما قبلها لَزِمَ حذفُها،كما لَزِمَ إسقاطُها فيما ذَكَرْنَا، فإذا لَزِمَ حذفُها لَزِمَ حَذْفُ حركتها أيضاً؛ لأنَّكَ لا تجدُ هذه الهمزةَ المجتَلَبَةَ في موضعٍ مُلقَاةً (٧) وحَرَكَتُهَا مُبقَاةٌ، فإذا لَزِمَ حَذْفُها من حيث ذَكَرْنَا، لم يَجُزْ إلقاؤها على الحرف السَّاكن. فليس حركةُ الميم إذاً بحركة الهمزة، وإذا لم تكن (٨) حركةَ الهمزة بدلالة ما ذَكَرْنَا، ثَبَتَ أنَّهَا حركةُ التقاء السَّاكنين؛ إذ لا قِسمَ ثالثاً.