للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدلُّ أيضاً على امتناع قولِ مَن قال بذلك: أنَّ (هذه الهمزةَ في الابتداء) (١) في التوصُّلِ إلى النُّطق بالسَّاكن نظيرُ الهاء التي تلحَقُ في الوقف لتَبْيِين الحركة وإثباتِها، فكما أنَّ الحرفَ الذي تُجتَلَبُ له الهاءُ في الوقف إذا اتَّصَلَ بشيءٍ بعده لم تَتَبَيَّن حركتُهُ بها؛ لقيام ما يتَّصِلُ به مَقَامَه، فحَذَفْتَهُ ساكناً كان أو متحرِّكاً، كذلك يَلْزَمُ أنْ تُحذَفَ الهمزةُ إذا اتَّصل ما اجتُلِبَت لسكونه بشيءٍ قبلَه، وإثباتُها في الوصل خطأٌ، (كما أنَّ إثباتَ الهاء في الوصل خطأٌ) (٢٥٥) .

فإنْ قال: إنَّ هذه الحروفَ موضوعةٌ على الوقف (دون الوصل) (٢٥٥) ، فإذا كان كذلك وَجَبَ أنْ تَثْبُتَ الهمزةُ ولا تُحذَفَ،كما تَثْبُتُ في الابتداء مفتوحةً، فإذا لَزِمَ ألاَّ تُحذَفَ كما لا تُحذَفُ في الابتداء،لم يمتنع أن تُلقَى حركَتُهَا على ما قبلها.

قيلَ: إنَّ وضْعَ هذه الحروفِ على الوقف دون الوصل لا يُوجِبُ قطعَ ألِفِ الوصل وإثباتَه في المواضع التي يسقُطُ فيها، كما لا يُوجِبُ / تغييرَ حركتِهِ، وكما لا يُوجِبُ أن يجتلبَه لمتحرِّكٍ، وأنت إذا ألقيتَ حركتَهَا على السَّاكن فقد وصَلْتَ الكلمة التي فيها بما قبلها (وإن كان ما قبلها) (٢) موضوعاً على الوقف. فقولُكَ: ألقَيْتُ حركَتَه عليه، بمنزلة قولكَ: وصَلْتُهُ؛ إذ لا تُلقَى حركةُ الهمزة على ساكنٍ قبلَها إلاَّ في الوصل؛ ألا ترى أنَّكَ إذا خَفَّفْتَ: ((مَنْ أَبُوكَ)) قلتَ: مَنَ بُوْكَ (٣) ، ولو وَقَفْتَ لم تُلْقِ الحركةَ عليها، فإذا وصَلْتَهَا بما قبلها لزمَ إسقاطُها، وكان إثباتها مخالفاً لأحكامها في سائر متصرَّفَاتها وفاسداً من أجل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>