للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكأنَّ المعنى والله أعلَمُ: ليَتَّبِعْ عَمَلُكَ القرآنَ مطابِقَاً وموافِقاً له،كقوله: {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (١) ، وهذا القولُ (٢) إن ثَبَتَتْ رِوَايةٌ به عن الحسن فهو الذي لا يُدفَعُ عن التَّأويل والعلمِ بوجوه التَّنزيل، وإن لم تثبُتْ به روايةٌ عنه، وإنمَّا تأوَّلَهُ أهلُ اللُّغةِ، فحَمْلُهُ على أنَّ كَسْرَهُ لالتقاء السَّاكنين كما أنَّ فتْحَهُ لذلك أَجْوَدُ؛ إذ لم نجد الواوَ تُبدَلُ من الباء الجارَّةِ في غير القَسَم، ووجدْنَا هذه الفواتِحَ في أوائل السُّوَرِ قد حُرِّكَت لالتقاء السَّاكنين، وكُسِرَت كما فُتِحَت، فحَمْلُها على ما عليه غيرُها أَحسَنُ من إخراجها عن جملتها إلى ما لا نظيرَ له. ألا ترى أنَّكَ إذا تأوَّلْتَ الكسرَ في ذلك على أنَّه أمرٌ بزِنَةِ (فَاعِلْ) خالفْتَ بها قراءةَ مَن فتَحَها بعَينِها، ومَن كسَرَ {قَافِ} ، وجَعَلْتَ الواوَ بَدَلاً من الباء في غير القَسَم، وكانت الواوُ (٣) خلافَ التي في قول مَن فَتَحَ فقرأ: {صَادَ * وَالقُرْآنِ} ، وإذا قدَّرْتَ الكسرةَ للسَّاكنَين، تشاكَلَت القراءتان وتطابَقَتَا، ولم تخالِفْ واحدةٌ منهما الأخرى، ومع هذا فليس بممتنعٍ في اللَّفظ، ولا بمردودٍ في المعنى، بل كِلاَ الأمرَين يَعْضُدُه ويُثبِتُهُ ولا يَدفَعُهُ.

أمَّا اللَّفظُ فلأنَّ الكلمةَ على زِنَةٍ (٤) لا تُنكَرُ، والواوُ من الباء في غيره قد أُبدِلَ.

وأمَّا المعنى فلأنَّ ما أشبَهَهُ من الأمر في التَّنزيل قد ثَبَتَ وحُضَّ عليه وكُرِّرَ كقوله - عز وجل -: {وَاتَّبِعْ مَا يُوْحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (٥) ، ونحو ذلك من الآي.

<<  <  ج: ص:  >  >>