فالجوابُ عندي: أنَّ التَّقديرَ بهذه اللاَّم في قوله - عز وجل -: {لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} أن تكون داخلةً على ((تُحشَرون)) . ألا ترى أنَّ القَسَم إنما وقع على أنهم يُحشَرون لا على الجارِّ والمجرور، فالمقسَمُ عليه الفعلُ، وهو المؤكَّدُ باللاَّم والمتلَقِّي للقَسَم. وإنمَّا دخلت اللاَّمُ على الجارِّ لتقدُّمِهَا عليه، ولم تدخل إحدى النُّونَين على الفعل لوقوعه على الحرف،كما لم تدخُلْ في قوله:{فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}(١) لوقوعه على الحرف، وجاز دخولها على الحرف في كلا الموضعين إذ المرادُ به التَّأخيرُ، كما جاز دخولُ لام الابتداء في مثل: إنَّ زيداً لطَعَامَكَ آكِلٌ، إذ المرادُ به التَّأخيرُ إلى الخبر. فإذا كان التَّقديرُ ما ذَكَرْنَا، لم يجز أن يكونَ {كَمْ أَهْلَكْنَا} بمنزلة {لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} في جواز دخول اللاَّم عليها، كدخولها في ((كم)) ؛ إذ كان دخولها في قوله تعالى:{لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ} بمنزلة دخوله على الفعل حسب ما تكون عليه هذه اللامُ في سائر مواضعها ومتصرَّفاتها. وليس يَسُوغُ تقديرُ دخولها على الفعل في ((كم)) .
فإن قال قائلٌ: فقَدِّرْ دخولهَا على الفعل الذي هو ((أهلَكْنَا)) وبعد ((كم)) كما قَدَّرْتَ دخولَهَا على الفعل الذي بعد الجارِّ.
فالجوابُ: أنَّ اللاَّمَ التي للقَسَم لا يجوزُ تقديرها بعد ((كم)) ، ووقوعُهَا على الفعل النَّاصب له؛ لأن ((كم)) لا تخلو من أن تكون خبراً أو استفهاماً، وفي كلتا جِهَتَيْهَا لا يتعلَّقُ شيءٌ مما قبلها بها، فلو قَدَّرْتَ اللاَّمَ داخلةً على قوله:((أهلَكْنَا)) ، لم يجُزْ أنْ تكونَ جواباً؛ لِمَا ذَكَرْتُ من انقطاع ذلك في كِلاَ وجهَيه مما قبله.