والجهةُ الأخرى: أنَّ هذه اللاَّمَ إنمَّا تدخُلُ على المبتدأ الذي تتسلَّطُ عليه الأفعالُ الدَّاخلةُ على المبتدأ والخبر وما ضارعها، فإذا لم يجُزْ دخولُ هذه الأفعالِِ عليه، لم يجُزْ دخولُ لامِ الابتداء؛ لأنها تبقى متعلِّقةً، و ((كم)) في كلتا جهتيها الخبرِ والاستفهامِ لا يَعمَلُ فيها ما قبلها، ولا تُبنَى عليه، وإنمَّا تُبنَى الجملةُ التي هي فيه على ما قبلها،/ فالحكْمُ لها من دونها. وأمَّا الداخلةُ على الأفعال دون الأسماء نحو: لَيَنْطَلِقَنَّ، ولقد قام زَيدٌ، فإنها تختصُّ بالدُّخُول على الأفعال دون الأسماء، وإذا كان كذلك لم يكن لها على ((كم)) مَدْخَلٌ؛ إذ كانت اسماً.
فإن قال قائلٌ: فما يُنكِرُ أنْ تكونَ اللاَّمُ التي تَدخُلُ على الأفعال مُرَادةً في ((كم)) محذوفةً لطول الكلام، وأنَّ دخولها في ((كم)) العاملُ فيه ((أهلَكْنا)) بمنزلة دخولِهَا على ((إلى)) المعلَّقة بالفعل المنتصبةِ الموضعِ في قوله تعالى: {لإِلى اللهِ تُحْشَرُوْنَ}(١) فكما جاز دخولها على الجارِّ المنتصب الموضع، كذلك يجوز دخولها على ((كم)) المنتصبة؟