والنبي - (- لما كان ابنه إبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا النبي - (- تذرفان، فقال له عبد الرحمن ابن عوف وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة الله، ثُمَّ أتبعها بأخرى، فقال:{إن العين تدمع والقلب يحزن ولانقول إلاَّ ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنونون} (١) .
ولما اشتكى سعد بن عبادة - رضي الله عنه - فأتاه النبي - (- يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله، فقال: قد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله، فبكى النبي - (-، فلما رأى القوم بكاء النبي - (- بكوا، فقال - (-: {ألا تسمعون إن الله لايعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ... } (٢) .
وأمَّا ما نهى عنه من الحزن في مثل قول الله - تعالى -: { ... وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}(٣) ، وقوله سبحانه:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(٤) وغيرهما من الآيات إنَّما هو نهي عن الحزن مقرون بما يوجب زواله، ثُمَّ إنه لم يوجد هذا الحزن المنهي عنه، بل النهي لئلا يوجد هذا النوع من الحزن الذي رُبَّمَا يكون معصية، أو ينهى عن الافراط فيه، أو قد يكون تسلية أو أمراً باكتساب قوة تدفعه عنه؛ ليثاب على ذلك (٥) .
فالحزن الذي لايخرج الإنسان من كونه صابراً راضياً، أي كان قلبه مطمئناً فإنه لايؤاخذ عليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: {ولهذا لم يؤمر بالحزن المنافي للرضا قط، مع أنه لا فائدة فيه، بل قد يكون فيه مضرة، لكنه عفي عنه إذا لم يقترن به ما يكرهه الله}(٦) .