للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِمَّا يضاد الرضا وينافيه النوح من النساء، أو الرجال، وهو عادة يكون من النساء عند القبور، وعند نزول المصائب، وهذا من الجزع والاعتراض على القضاء، لما يصحبه من صك الوجه، أو لطم الخد، أو الدعاء بالويل والثبور، أو سب الدهر عند المصيبة، أو رفع الصوت بالبكاء والويل، اعتراضاً على القضاء والقدر، عند موت محبوب، أو قريب، أو فوات أمر دنيوي، وغير ذلك مِمَّا نهى عنه النبي - (- في مثل قوله: {ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية} (١) .

وما في الصحيح أن أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه - وجع وجعاً شديداً، فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: {أنا برئ ممن برئ منه رسول الله - (- فإن رسول الله - (- برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة} (٢) .

والنياحة ضلال عظيم، تتضمن فعل ما نهى الله عنه، وترك ما أمر به، ففيها ترك الصبر، وفيها الجزع، وقول الهجر، ودعاء غير الله، وترك إخلاص الدين لله (٣) .

والنائحة تعاقب على النياحة، كما في الحديث الصحيح عن أبي مالك الأشعري أن النبي - (- قال: {أربع في أمتي من أمر الجاهليَّة لايتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب} (٤) .

والإنسان يعذب بالأمور المكروهة التي يشعر بها، مثل الأصوات الهائلة، والأرواح الخبيثة، والصور القبيحة.

ولذلك فإن الميت المناح عليه، إذا رضي بذلك وهو في حياته، أو أوصى به، أو دعا إليه، ولم ينه عنه، فإن له نصيبه من عذاب النياحة، لما ورد في الحديث: {إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه} (٥) .

بل قد عد أهل العلم: صناعة الطعام من أهل الميت، ودعوة الناس إليه من النياحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>