قال ابن مسعود:{هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم}(١) ، والجزع ضعف النفس، وخوف القلب، يمده شدة الطمع والحرص، ويتولد من ضعف الإيمان بالقدر، وصاحبه معاقب به، فيحرمه الراحة التي يرتاحها العابدون الراضون، ويخرب القلب، ويحرم رضوان الله في الآخرة، {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}(٢) والهلع أفحش الجزع (٣) ، وفي الحديث:{شر ما في المرء شح هالع وجبن خالع}(٤) .
فالهلع له معان منها: الحرص، والشح، والضجر، والبخل، والشره، والإمساك، والذي لايشبع، وضيق القلب، والعجلة، وهذه المعاني كلها تنافي الرضا بالقضاء.
والجزع ضد الصبر الآيل إلى الرضا، فلا خير في العجز ولا في الجزع، كما نجده في حال كثير من الناس، حتى بعض المتدينين إذا ظلموا أو رأوا منكراً فلاينتصرون ولايصبرون بل يعجزون ويجزعون.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - (- أنه قال:{المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولاتعجز، وإن غلبك أمر فلاتقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وماشاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان} (٥) .
{فلايعجز المؤمن عن مأمور، ويجزع من قضاء مقدور}(٦) .
فمن أراد بلوغ مقام الرضا فليحبس نفسه عن الجزع، والهلع، والتشكي، والتسخط باللسان عن الشكوى، وبالجوارح عما لاينبغي فعله، وهذا هو ثبات القلب على الأحكام القدرية والشرعية.
وليس هذا معناه أن يقسو قلبه ويمنعه من الانفعال والتأثر بالنوازل، فمن لم يتأثر بها لغلظة قلبه وقساوته لا لصبره واحتماله فليس من الراضين بالقضاء والقدر (٧) .
مذهب الصوفية في الرضا بالقضاء
وممن ضل في هذا الباب أكثر أصحاب الطرق الصوفية، وكان سبب ضلالهم في الرضا بالقضاء أمور، أشهرها باختصار: