١ - أنهم رأوا أن الراضي بأمر لايطلب غيره، ثُمَّ إنهم رأوا أقصى المطالب وأعظمها الجَنَّة، وأدناها وأكرهها النَّار، فقالوا ينبغي ألا يطلب شيئاً غير ما هو فيه.
٢ - أنهم ظنوا أن الرضا بكل قضاء يحبه الله ويرضاه، من خير أو شر، إيمان أو كفر، معصية أو طاعة، وهذا ضلال بُيِّنَ خطأه وخطره في هذا البحث بما يكفي إن شاء الله.
٣ - أنهم لايفرقون بين الدعاء الذي أمروا به إيجاباً، أو استحباباً، وهو من أسباب الرضا بالله، وعن الله، والذي نهوا عنه، أو لم يؤمروا به، ولم ينهوا عنه؛ لأن الدعاء ثلاثة أنواع:
نوع مأمور به إيجاباً، أو استحباباً، كما في قوله - سبحانه -: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (١) .
ونوع منهي عنه، وهو الاعتداء في الدعاء، مثل أن يسأل العبد ما هو من خصائص الرب، أو الأنبياء، مثل أن يسأل الله أن يجعله بكل شيء عليماً، أو يرفع عنه كل حجاب حتى يطلع على الغيب ونحو ذلك.
ويتبعه دعاء {اللهم اغفر لي إن شئت} (٢) ونحوه.
ونوع منه ما هو مباح، كطلب المباحات التي لا معصية فيها.
والرضا عند الصوفية ثلاث درجات:
الأولى: رضى العامة، وهو الرضا بالله رباً، وتسخط عبادة ما سواه.
قالوا: وهذا قطب رحى الإسلام، وهو يطهر من الشرك الأكبر (٣) .
ومنه رضاهم - أي العوام - بما قسمه الله، وأعطاهم (٤) .
الدرجة الثانية: الرضا عن الله، وهو الرضا عنه في كل ما قضى وقدر.
ويقولون: إن هذا من أوائل مسالك أهل الخصوص (٥) .
وقد ظن بعضهم أن هذا من توابع المحبة لله (٦) .
ويقولون: إن هذه الدرجة لاتصح إلاَّ بثلاثة شرائط:
١ - استواء الحالات عند العبد.
٢ - وسقوط الخصومة مع الخلق.
٣ - والخلاص من المسألة والإلحاح (٧) .
ويدخل في ذلك الرضا بالمعاصي، والكفر، والفسوق (٨) .