٤ وبناء على هذا فإن ابن الصلاح رحمه ومن تابعه وجماعة من أهل العلم، لم يأت في تعريفهم إلا القلب في الإسناد! وعلل أهل العلم سبب ذلك أنه قصداً للغالب والأكثر من صور القلب وهو القلب في السند.
قال السخاوي (ت٩٠٢هـ) رحمه الله: "وقسّموا (أي: أهل الحديث) المقلوب السندي خاصة، لكونه الأكثر كاقتصارهم في الموضوع على المتني لكونه الأهم"اهـ (١) .
قال عطية الأجهوري (ت١١٩٤هـ) رحمه الله: "وهذا التعريف يخص القلب في السند واقتصر عليه في التعريف لكثرته في السند وقلته في المتن"اهـ (٢) .
قال اللكنوي (ت١٣٠٤هـ) رحمه الله: "و [مقلوب السند] أكثر وقوعاً بالنسبة إلى [مقلوب المتن] ولذا سكت عن ذكر [مقلوب المتن] كثير من المصنفين في هذا الفن، كما أنهم اقتصروا في بحث الموضوع على المختلق متناً لكثرة وقوعه مع أنه قد يكون الحديث صحيحاً والسند موضوعاً"اهـ (٣) .
والحق الذي لا مرية فيه أن كلام أئمة الجرح والتعديل المتعلق بالمقلوب أكثره وجلّه متعلق بالقلب في السند، بل لا استحضر الآن كلاماً صريحاً لأحد من المتقدِّمين في القلب في المتن (٤) ويؤيد هذا الواقع: الصور المندرجة تحت القلب في السند فإنها صورتان وصورة واحدة للمتن، وصورة مشتركة بينهما، وعدّها الأكثر من صور قلب السند.
٥ ذكر ابن الصلاح في تعريفه مثالين للمقلوب، أحدهما: أن يجعل سند الحديث لمتن الآخر، وسند الآخر لمتن هذا، وهذه الصورة للقلب عدّها جمهور المصنفين في مصطلح الحديث من قبيل القلب في السند، وعدّها بعضهم من قبيل قلب المتن (٥) .
وقد ذكر ابن حجر (ت٨٥٢هـ) رحمه الله مثالاً للقلب في المتن ينطبق على هذه الصورة حيث قال: "وأمّا في المتن فكمن يعمد إلى نسخة مشهورة بإسناد واحد فيزيد فيها متناً أو متوناً ليست فيها كنسخة معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد زاد فيها.