وسأستعرض هنا تعاريف أهل العلم للحديث المقلوب، مسجلاً عقب كل تعريف أورده ما لدي من ملاحظات عامة، خاتماً ذلك ببيان التعريف المختار.
تعريف ابن الصلاح (ت٦٤٣هـ) رحمه الله:
قال عليه من الله الرحمة والرضوان: "هو نحو حديث مشهور عن سالم جُعِل عن نافع ليصير بذلك غريباً مرغوباً فيه، و [هو] كذلك [جعل] متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر"اهـ (١) .
وتلاحظ الأمور التالية:
١ تابع ابن الصلاح على تعريفه الذين اختصروا كتابه أو نظموه، ومن هؤلاء:
النووي (ت٦٧٦هـ) رحمه الله (٢) .
وابن جماعة (ت٧٣٣هـ) رحمه الله (٣) .
والطيبي (ت٧٤٣هـ) رحمه الله (٤) .
وابن كثير (ت٧٧٤هـ) رحمه الله (٥) .
والعراقي (ت٨٠٦هـ) رحمه الله (٦) .
٢ جرى ابن الصلاح في تعريفه على التعريف بالمثال (٧) ، وهو تعريف بالرسم الناقص. وفائدة هذه الملاحظة بيان أنه لا يتوجه عليه رحمه الله نقد في تعريفه من جهة أنه لم يكن جامعاً مانعاً؛ لأنه لم يقصد أصلاً التعريف بالحد التام أو الرسم التام.
٣ اقتصر ابن الصلاح رحمه الله في تعريفه بالمثال على قسمين أو صورتين من المقلوب في السند، دون ذكر المقلوب في المتن. كما أنه أطلق الكلام فهو شامل لحال العمد والوهم!
وقد ذكر ذلك ابن حجر (ت٨٥٢هـ) رحمه الله أثناء تنبيهه على وقوع القلب في متن حديث أخرجه مسلم في صحيحه، قال: "وقع في صحيح مسلم مقلوبا: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله" (٨) وهو نوع من أنواع علوم الحديث أغفله ابن الصلاح وإن كان أفرد نوع المقلوب (٩) لكنه قصره على ما يقع في الإسناد، ونبه عليه شيخنا في محاسن الاصطلاح (١٠) ... وقال شيخنا: ينبغي أن يسمى هذا النوع المعكوس (١١) . انتهى.
والأولى تسميته مقلوبا؛ فيكون المقلوب تارة في الإسناد وتارة في المتن كما قالوه في المدرج سواء، وقد سماه بعض من تقدم: (مقلوبا) ."اهـ (١٢) .