ولمّا ذكر ابن حبان (ت٣٥٤هـ) رحمه الله أنواع جرح الضعفاء، ذكر النوع العاشر وقال: "ومنهم من كان يقلب الأخبار ويسوّي الأسانيد كخبر مشهور عن صالح يجعله عن نافع وآخر لمالك يجعله عن عبيد الله بن عمر ونحو هذا.
كإسماعيل بن عبيد الله التيمي وموسى بن محمد البلقاوي وعمر بن راشد الساحلي، وذويهم وقد رأينا في عصرنا جماعة مثلهم يُسرون الأحاديث"اهـ (١) .
وقال الحاكم (ت٤٠٥هـ) رحمه الله، لمّا ذكر أنواع الجرح والمجروحين على عشرة طبقات: "الطبقة الثانية من المجروحين: قوم عمدوا إلى أحاديث مشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد معروفة ووضعوا إليها غير تلك الأسانيد فركبوها عليها ليستغرب بتلك الأسانيد منهم: إبراهيم بن اليسع وهو ابن أخي حية يُحدِّث عن جعفر بن محمد الصادق وهشام بن عروة، فيركب حديث هذا على حديث ذلك، وكذلك حمّاد بن عمرو النصيبي وبهلول بن عبيد وأصرم بن حوشب، وغيرهم"اهـ (٢) .
وفي الصفحات القادمة سنتبين الحديث المقلوب وأقسامه وما يتعلق به!
المقصد الأول: تعريف الحديث المقلوب
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الحديث المقلوب لغة
المطلب الثاني: تعريف المقلوب اصطلاحاً.
وإليك البيان:
المطلب الأول: تعريف الحديث المقلوب لغة
المقلوب لغة:
المقلوب اسم مفعول من (قلب) .
ومادة "ق. ل.ب" لها في اللغة أصلان صحيحان:
أحدهما يدل على خالص شيء وشريفة.
والآخر يدل على رد شيء من جهة إلى جهة.
والأصل الثاني هو المراد هنا. ومنه:
القليب: البئر قبل أن تطوى، وإنما سمِّيت قليباً لأنها كالشيء يقلب من جهة إلى جهة، وكانت أرضاً فلمّا حفرت صار ترابها كأنه قلب فإذا طويت فهي الطَّوى ولفظ القليب مذكر. والحوّل القلب: الذي يقلب الأمور ويحتال لها (٣) .
المطلب الثاني: تعريف المقلوب اصطلاحاً.
المقلوب اصطلاحاً:
المقصود هنا تعريف المقلوب في اصطلاح علماء الحديث، دون غيرهم (٤) .