قال رحمه الله:"جعل إسناد لمتن آخر وتغيير إسناد بإسناد"اهـ (١) .
ويلاحظ مايلي:
١ أن الزركشي رحمه الله اعتبر تعريفه هذا مبيناً لحقيقة المقلوب، وقاله بعد أن تعقّب ابن الصلاح في تعريفه بقوله:"لم يتعرّض للقلب في المتن"(٢) .
وقد قدّمت لك ضمن الملاحظات تحت تعريف ابن الصلاح أنه يمكن اعتبار ابن الصلاح قد تعرّض للتعريف بالمقلوب في المتن، على الطريقة التي جرى عليها بعضهم، حيث ذكر المثال الثاني في تعريفه:"و [هو] كذلك [جعل] متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر"، وهذه الصورة يمكن أن تعتبر من المقلوب في المتن بالنظر إلى المتن؛ وعليه فلا تعقب على ابن الصلاح هنا!
٢ بل لا بد من اعتبار ذلك في تعريف الزركشي حتى يصح كلامه في أن التعريف الذي ذكره (يعني: الزركشي) يبين حقيقة المقلوب!
وعندها يأتي سؤال: إذا كان هذا هو المراد، فما وجه تعقبه على ابن الصلاح بأنه لم يتعرّض للقلب في المتن؟
الجواب: إن تعريف ابن الصلاح بذكر المثال الثاني جاء بطريقة قد توهم أن محل التعريف عنده هو فقط قوله: "هو نحو حديث مشهور عن سالم جُعِل عن نافع ليصير بذلك غريباً مرغوباً فيه" لأن ذكره للجزء الثاني في التعريف جاء في سياق ذكره لقصة البخاري (ت٢٥٦هـ) مع أهل بغداد لمّا قلبوا له الأحاديث فميزها!
فكأن والله اعلم الحافظ الزركشي رحمه الله اعتبر الجزء الأول من كلام ابن الصلاح هو فقط التعريف فأورد عليه إيراده ذاك!
٣ إذا تقرر ما ذكرته؛ فلا تعقب على ابن الصلاح أصلاً من هذه الجهة، ويبقى أن يتعقب الزركشي في تعريفه بما سبق من تعقيب على ابن الصلاح من أن التعريف لم يشمل جميع صور القلب.