للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قصة عمه أنس بن النضر فقال: "غاب عمي عن قتال بدر فقال: يا رسول الله؛ غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، والله لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعني المشركين، ثم تقدم، فاستقبله سعد بن معاذ فقال: أين يا سعد (١) ؛ هذه الجنة ورب أنس أجد ريحها دون أحد، قال سعد بن معاذ: فما استطعت ما صنع، فقاتل. قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ما بين ضربةٍ بسيف، أو طعنةٍ برمح، أو رميةٍ بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفته أخته الربيع بنت النضر إلا ببنانه. قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه:

(من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ((٢) الآية " (٣) .

هكذا صدق هذا المؤمن ما عاهد الله عليه أمام رسول الله (حيث قال: "ليرين الله ما أصنع"، فصنع ما وعد به وعاهد عليه ربه، وما ذاك إلا أثراً عظيماً من آثار الإيمان بالغيب، بل إنه رضي الله عنه قد وجد ريح الجنة دون أحد. وهذا قمةٌ في التصديق بوعد الله تعالى بالغيب حتى إنه من شدة تصديقه غمرت ريح الجنة وأريجها حاسة شمه حيث حلف على ذلك قائلاً: "هذه الجنة ورب أنس أجد ريحها دون أحد". قال تعالى: (جنات عدنٍ التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً ((٤) وهذا التصديق القوي بوعده تعالى بالغيب كان من آثاره الوعد الصادق، ثم الوفاء بالوعد بالصدق عند اللقاء.

٢ – عمير بن الحمام في يوم بدر رضي الله عنه:

<<  <  ج: ص:  >  >>