وأسرع الحاسبين، وأرحم الراحمين، وأنه من أجل هذا يعبد ربه طامعاً في رحمته ومغفرته ورضوانه، خائفاً من غضبه وعقابه وأليم عذابه، فيكون في حياته متوازناً، لا الرجاء في رحمة الله يطغى عليه حتى يأمن من مكره، ولا الخوف من عقابه يوقعه في اليأس من رحمته، ولكنه يدعوه خوفاً وطمعاً ويعبده رغباً ورهباً عملاً بقوله تعالى:(وادعوه خوفاً وطمعاً ((١) وقوله في وصف عباده الأخيار: (ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ((٢) .
أثر الإيمان بالغيب في سلوك المؤمن:
إن أثر الإيمان بالغيب في سلوك المؤمن أثر عظيم. فالمؤمن بالغيب يصدق بوعد الله ووعيده. وتصديقه بوعد الله يجعله في شوق إلى لقاء الله تعالى، وما وعد به أهل طاعته من النعيم المقيم والرضا الدائم، فكأنه يرى ما أعد الله للمؤمنين من نعيم الجنان والحور العين رأي العين فيبادر إلى طاعة ربه، ويسارع في الخيرات، وتصديقه بوعيد الله يجعله يخاف من غضبه وسطوته وعقابه، وأليم عذابه فكأنه يرى نار جهنم وأغلالها وما فيها من شدائد وأهوال ونكال. فيبتعد عما حرم الله تعالى ورسوله (، ويعيش في توازن تام بين الخوف والرجاء والرغبة والرهبة من غير أن يطغى جانب على جانب، لا خوفه يطغى على رجائه رحمة ربه الواسعة، ولا رجاؤه يتغلب عليه حتى لا يخشى من عذاب الله وعقابه. فبذلك يكون خيراً لنفسه وخيراً لأهله، وخيراً لأمته، وخيراً للخلق أجمعين.
أمثلة من أثر الإيمان بالغيب
إن الأمثلة على أثر الإيمان بالغيب من واقع هذه الأمة كثيرة جداً تزيد عن العد والحد، فعلى سبيل التقريب لا التحديد والتعديد إليك أمثلة خاصة لأفراد هذه الأمة تليها أمثلة عامة توضح لمن تدبرها ما وصل إليه سلف هذه الأمة من كمال الإيمان، وترقيهم إلى أعلى درجات اليقين: