للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواريَ سوءة أخي فأصبح من النادمين ((١) .

هذه هي القصة الأولى التي أخبرنا الله تعالى بها عن طريق وحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لها مصدر آخر من أخبار البشر، فهي شهادة بالنسبة لابني آدم ومن كان ثم من إخوانهما والأبوين الكريمين، وغيب بالنسبة لمن جاء بعد ذلك من ذرية آدم عليه السلام.

وثاني الأمثلة على حدث قد مضى قصة نبي الله ورسوله نوح مع قومه إذ أرسله الله تعالى إليهم بعد كفرهم به بعبادة غيره من الآلهة التي ذكر الله أسماءها في سورة نوح، واستمرار نوح على دعوتهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ودعائه عليهم في نهاية الأمر، وإهلاك الله تعالى لهم بالطوفان، كل هذا مما قص الله علينا في كتابه الكريم وسماه غيبا حيث قال: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ((٢) .

هذه قصة نوح عليه السلام مع قومه، فقد سمى الله تعالى تلك الأحداث الماضية التي لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقومه يعلمونها قبل وحي الله تعالى إليه غيبا حيث قال: (تلك من أنباء الغيب (،فدل هذا على أن أحداث الزمن الماضي من عالم الشهادة تسمى غيبا أي غيباً نسبيا.

وثالث قصة سماها الله غيبا هي قصة يوسف واخوته التي قصها الله تعالى علينا في كتابه الكريم وسماها من أنباء الغيب التي أوحاها إلى رسوله حيث قال: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ اجمعوا أمرهم وهم يمكرون ((٣) .

هكذا سماها غيبا وبين سبب الغيبية، وهو أنه ما كان لديهم أي ما كان في زمانهم ومكانهم، ولو كان في مكانهم وزمانهم لكان ذلك مشاهدة لا غيبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>