ومن المسالك التي استفاد منها الإنسان في تاريخه الطويل الكتابة مع الرسوم والصور الإيضاحية لبعض الحوادث، حيث كانت بعض الدول تسجل الحوادث المهمة من حياتها بالكتابة والصور، وقد سلك هذا المسلك الآشوريون والبابليون والمصريون القدامى، فجعلوا بذلك تاريخهم الماضي تنتقل أخباره إلى من بعدهم كتابة وتصويراً، وهذا المسلك –وإن كان استخدامه أقل من الأول- فإن أثره في نفس القارئ أقوى لاشتراك الكتابة والتصوير في نقله.
المسلك الثالث/ النقل الشفهي:
هذه الوسيلة أيضاً من الوسائل التي أفادت الإنسان في علم ما لم يعلم من أخبار من سبق حيث تناقلت أجياله المتعاقبة أخبار الغابرين تناقلاً جعل من لم يكن في ذلك الزمان والمكان على علم بما كان قبله من الأحداث، ولعل هذا المسلك هو المسلك الثاني في التاريخ البشري، لأن الكتابة والرسم لم يواكبا الحياة البشرية منذ النشأة الأولى، ولكنها مما طرأ على الحياة الإنسانية بعد أن لم تكن، والله تعالى أعلم.
والمسلمون تميزوا على غيرهم من الأمم في حفظ الأخبار وضبطها بدقة متناهية، وهي أمة إذا روت ضبطت، وإذا أخبرت صدقت، وإذا قالت عدلت، وإذا خاصمت غلبت، وإذا جادلت دحضت، وما سبب ذلك إلا لما في أخبارهم من دقة وضبط وصدق وعدل.