فمن هذا تبين أن الدروز كمن تقدمهم من الفلاسفة الوثنيين يرون أن إيجاد الخلق يرجع إلى غير الله (وهو ما يسميه الفلاسفة النفس الكلية ثم عقول أو أرواح الكواكب.
ويمكن هنا أن نلخص مقالة هؤلاء المتفلسفة الباطنية الضلال في إيجاد الكون على النحو التالي:
أن الله تبارك وتعالى ليس له أي فعل ولا دور في فعل وخلق، وإنما صور الأشياء عنده منذ الأزل قديمة بقدمه، وأنه فاض منه العقل الأول، وهذا الفيض أزلي أيضاً، ثم العقل، أو ما يسميه الدروز النور فاض منه فيض آخر، وهو النفس، أو ما يسميه الدروز الظلمة، ومنهما صدرت المخلوقات، ووجدت بكيفيات يختلفون في تفصيلها، ويتفقون في أنهالم تخلق خلقاً مباشراً من قبل الله تعالى، وأنه تبارك وتعالى عن قولهم لا دور له في إيجادها، وإنما مصدرها الحقيقي العقل مع النفس أو النور مع الظلمة.
ثانيا: الرد على الفلاسفة والباطنيين في كلامهم في إيجاد هذا الكون وخلقه:
لا شك أن دعوى الفلاسفة والباطنيين في إيجاد الكون زندقة ووثنية ظاهرة واضحة وشرك في الربوبية، وهو قول لا ينتمي لا إلى عقل ولا شرع وإنما ينتمي إلى الوثنية اليونانية التي تتعبد للكواكب وتدعى لها أرواحاً وتصرفاً وتدبيراً، الذين لا يختلفون عن دعوى عباد الأصنام في أصنامهم من مشركي العرب والهنود ومن كان على شاكلتهم.
ولا شك أن من العجب العجيب والأمر الغريب أن يترك هؤلاء الناس النور والحق الذي بين أيديهم ويذهبوا إلى مقالات ساقطة سافلة، ودعاوى كاذبة خاطئة، ووثنية جاهلة فاسدة، فقد اشتروا الضلالة بالهدى والنور والحق بالظلمة والكذب، فنسأل الله العافية.