للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- أن العقل الأول معنى من المعاني يدل عليه اسمه: "عقل"، وهو أشبه ما يكون في دعواهم بالفكر أو الخيال، وهذا شيء لا وجود له ذاتي، وإنما هو موجود ذهني قائم بالنسبة لنا بالعقل المركب في أجسادنا. فادعاء أنه صدر عنه النفس أو الظلمة أو أرواح الكواكب دعوى مرفوضة عقلاً، لأنه لا وجود له بنفسه في الخارج، فكيف يوجد ما له وجود خارجي مستقل.

فهذا مرفوض عقلاً، كما لو قلنا: إن أحداً من الناس تخيل خيال طائرة، ثم الطائرة التي تخيلها بذهنه أنتجت حصاناً محسوساً، فلو قال قائل ذلك، لقيل له: هذا كذب وجنون.

فلو قال قائل: إن ما يتعلق بالعقل الأول، أو العقل الفعال أو نحوه، يختلف عما عليه الإنسان، لقلنا له ومن أخبرك بذلك؟ هل اطلعتم على تكوين العقل الأول ومادته وفعله، أم تخرصون وتخبطون؟ لا شك أنهم يخرصون ويخبطون.

د- أن ما نسبوا إليه إيجاد الكون والمخلوقات هي أشياء عاجزة تماماً، فإن العقل الأول أو النفس أو مجموعهما أمور معنوية عاجزة، يدل على عجزها في دعواهم أنه لم يصدر عن كل واحدة منها إلا شيء واحد، أو شيئان أو ثلاثة أشياء، وهذا دليل عجزها وضعفها.

وإذا نظرنا إلى الكون والمخلوقات الموجودة فيه، فإنها أقوى وأقدر بكثير مما زعموا أنه أصلها ومادتها.

فالشمس تنتج ما لايحصى من الأنواع العديدة من أجناس الأشعة وأصناف أخرى محسوسة كالنور والحرارة. والأرض تنتج ما لايحصى من المكونات والنباتات والمواد الكثيرة المتنوعة، التي تتكون منها، والتي تصدر عنها، فإذا كان هذا في المخلوقات، فمعنى ذلك هي أعظم من موجدها فيما يزعمون.

هـ - إن المخلوقات مكونة من شيئين: روح ومادة، أما الروح فلا نعلم كنهها ومادتها، أما المادة الموجودة في المخلوقات التي تحيط بنا، فإن لها مكونات لا نكاد نحصيها كثرة، من تراب وماء وهواء ونور ونار وخشب ومعادن وحيوانات

<<  <  ج: ص:  >  >>