للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها تكوين آخر تتكون منه، مثل: الدم والعصب والعظم، وكل نوع من هذه الأنواع مكون من مكونات عديدة كثيرة، لا يعلم احصاءها إلا الذي خلقها.

فكيف أمكن لما يسمونه العقل أو النفس أو هما معاً أن يوجدا تلك المكونات العديدة المتنوعة، وهما فاقدان لها، وكيف أمكن لهما أن يوائما بينها تلك المواءمة العجيبة، التي تدل على علم وحكمة متناهية لا يمكن أن تعزى إلى أمور معنوية لا حقيقة لها خارج الأذهان، وهوما يسمونه العقل أو النفس.

كما أنه لا يمكن لهما بحال أن يرعيا تلك المواد ويحققا لوجودها هذا الأثر العظيم الذي نراه في أنفسنا، وفيما حولنا من المخلوقات على هذه الأرض.

فبعد وجود المواد لا بد لها من الرعاية والعناية، وإلا فإنه لا يمكن لها الاستمرار وتحقيق النتائج الباهرة من وجودها، فإن الرجل مثلاً، وكذلك سائر ذكور الحيوانات تضع نطفها في أرحام الإناث. ثم إن النطف بالأرحام تتخلق، وتتكون بطريقة خارجة عن إرادتها وتدبيرها يقيناً، لأنها فاقدة للإرادة والتدبير، حتى يتم خلقها وتكوينها وخروجها من أرحام أمهاتها مخلوقات جديدة تبدأ بها دورة جديدة للحياة.

فهل يمكن لما يدعون من العقل أو النفس، أو هما معاً أن تؤدي دوراً كهذا؟ لا شك أن ذلك لا يمكن بداهة، لأن كليهما فاقد للقدرة، التي يمكن أن يتحقق بها شيء من ذلك، فهما أمران معنويان.

ولا شك أن وراء ذلك خالق عظيم، ومدبر عليم حكيم، له كل صفات الكمال والجلال، ولا بد أن يعزى إليه القدرة التامة على إيجاد كل موجود وتدبيره، وتنظيم شؤون خلقه، وأن له القدرة المطلقة على إيجاد الأشياء من العدم المحض وتدبيرها والتصرف فيها، ليتكون منها هذه النتائج الباهرة في هذا الكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>