إن كل من نظر إلى جهاز الحاسب الآلي، وأجال النظر فيه تيقن ببساطة من أن له صانعاً ذا قدرات متعددة، وإمكانات عقلية وعلمية، حتى تمكن من إيجاد آلة لها قدرة على القيام بأعمال حسابية وعلمية متعددة، وإن كل إنسان يزعم أن ذلك لا صانع له فهو إنسان مجنون لا عقل له، وكذلك كل من يزعم أن صانع الحاسب الآلي هو ذلك الجدار أو الجبل، أو ذلك الحيوان البهيم، فحكمه حكم من زعم أنه وجد من غير صانع.
فإذا كان هذا الحكم في جهاز بسيط من مصنوعات بني آدم، فلا شك أن أمر الكون أعظم وأعظم، وأن دلالته على خالق عظيم خلقه بمشيئته وإرادته في الوقت الذي يشاء على الكيفية التي يشاء ألزم وأوجب.
وبه يتبين أن قول هؤلاء المتفلسفة باطل بداهة وهو لا يمث بصفة إلى العقل الذي يزعمون أنهم أربابه والملتزمون بأحكامه ولا يمت إلى الشرع الذي يزعمون أنهم ينتسبون إليه ويؤيدونه بدلالتهم العقلية، وأن قولهم لا يخرج عن الخرص والظن الباطل أرادوا إتباعه غروراً وهوى.
المبحث الثاني: قول فلاسفة الصوفية أصحاب وحدة الوجود
تمهيد: التعريف بالصوفية
قبل أن نذكر قول فلاسفة الصوفية نعرف بالصوفية تعريفاً موجزاً فنقول:
الصوفية مذهب من المذاهب المبتدعة بني في أصله على الزهد، وغلا فيه المنتسبون إليه، واتسع على أهله الخرق، ونأى به الانحراف إلى بدع ضالة تصل عند بعضهم إلى الكفر والخروج عن دين الاسلام كما سيتبين.
والصوفية لغة: اختلف كلام الناس في بيان اشتقاقها:
وأقرب ما يكون اشتقاق كلمة الصوفية من الصوف،وهو ما يكون في الضأن ويقوم مقام الشعر في المعز.
ولبس الصوف هو مما يتميز به الصوفية في الأصل لأنه يشعرهم بالزهد والتخلي عن ناعم الثياب إلى خشنها (١) .
الصوفية اصطلاحاً: يختلف الصوفية في بيان مذهبهم إلى أقوال وتعريفات كثيرة مثل:
قول الجنيد (٢) : التصوف هو أن يميتك الحق عنك ويحييك به.