للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو نضرة (١) قال، قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر. قال: أتيت عمر بن الخطاب وقد أعطيت منطقاً، فأخذت في الدنيا فصغرتها، فتركتها لا تسوى شيئاً، وإلى جنبه رجل أبيض الرأس واللحية والثياب، فقال: كل قولك مقارب إلا وقوعك في الدنيا، هل تدري ما الدنيا؟ فيها بلاغنا، أو قال: زادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها. قلت:من هذا ياأمير المؤمنين؟ قال: هذا سيد المسلمين أبي بن كعب" (٢) .

فما كان أصحاب رسول الله (يذمون من الدنيا إلا ما كان منها ملهياً عن طاعة الله أو وسيلة إلى ذلك.

وعليه فالزهد المشروع والصحيح هو الوسط الذي كان نبي الله (عليه وأصحابه.

كما أن العبادة المشروعة هي ما كان عليه نبي الله (وجاء بها الإسلام. وكل ما تعدى حدود المشروع سواء كان في الإفراط في الشيء وذلك بالإكثار منه والتعمق فيه زيادة على المشروع فهو مذموم، أو كان في التفريط بالشيء وذلك بتضييع الأمر وعدم مراعاة حدوده الشرعية فهو مذموم أيضاً، وكلما زاد الانحراف والتعدي زاد الذم والبطلان.

وقد وقع من بعض المسلمين بعد عصر الصحابة تشدد في الدين وتزهد غير مشروع، وعبادة وتبتل غير مشروع رغبة في الوصول إلى رضوان الله (وكان أكثر ذلك في البصرة التي اشتهرت بكثرة العباد والزهاد.

وقد قسم شيخ الإسلام الصوفية إلى ثلاثة أصناف وذلك باعتبار انتمائهم إلى المذهب الصوفي وهي:

صوفية الحقائق: وهم الذين كانوا أهل صدق في الزهد وكثرة العبادة والمجاهدة من المتقدمين منهم كما سيأتي الإشارة إليهم.

صوفية الأرزاق: وهم الذين وقفت عليهم الوقوف ولزموا تلك الخوانك وكانوا أهل استقامة والتزام بالآداب الشرعية.

صوفية الرسم: وهم المقتصرون على النسبة،فهمهم اللباس والآداب الوضعية،فهؤلاء لهم من النسبة الاسم فقط (٣) .

ويمكن أن نقسم التصوف باعتبار ما مر به من مراحل إلى ثلاث مراحل:

<<  <  ج: ص:  >  >>