ومثله قال ابن سبعين (١) : ((إن الخالق والمخلوق هو مجموع المادة والصورة وأن ما يخص الخالق تبارك وتعالى من ذلك هو المادة وأنه بدون الصورة لا صفة له وفي هذا يقول: ((وللمتصور من حيث هو لا من جهتها -أي بدون الصورة- لا وصف ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا حد وإن كان له شيء من ذلك كله ولكن بأول مرتبة صورية إطلاقية فله الاطلاقات الأحدية)) (٢) .
ومثله عبد الغني النابلسي (٣) حيث قال في شرحه لكتاب محمد بن فضل الله الهندي (٤) التحفة المرسلة في علم حقيقة الشريعة المحمدية: ((إن الحق (هو الوجود المحض عن قيوم الماهيات كلها المحسوسات والمعقولات وليس له تعالى ماهية أصلاً غير الوجود المحض. ثم قال: إن ذلك الوجود المحض ليس له شكل أي صورة محسوسة أو معقولة ولا حدَّ، أي مقدار)) (٥) .
فهذه الأقوال المتناقضة والمتهافتة في وصف الله تبارك وتعالى هي دعوى من سبقهم من الفلاسفة الوثنيين في عدم وصف الله تبارك وتعالى بشيء من الصفات الثبوتية، إلا أن هؤلاء الضلال اختلفوا عن أشياخهم السابقين بزعمهم أن الله تبارك وتعالى هو المادة أو الجوهر بدون صورته، وزادوا على هذا الضلال أن تلك المادة والجوهر لا صفة لها البتة ولا اسم ولا رسم.
وهذا الكلام مضمونه لا عقل ولا شرع، فالمادة لا بد لها من الصفة والاسم والرسم وإلا لم تكن مادة.
وفلاسفة الصوفية مسبوقون بهذا الضلال حيث أخذوا ذلك عن ملاحدة الفلاسفة الذين ينفون وجود الخالق ويثبتون المادة فقط،ثم أضافوا إليه قول الفلاسفة المؤلهة (٦) ، وركبوا من مجموع ذلك كله قولاً واحداً،وهو أن المادة هي الإله وأنها لا صفة لها ولا رسم ولا حد، فجمعوا ولفقوا قولاً من المقالتين الفاسدتين الضالتين.