للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكفي حكاية هذه الأقوال عن ردها وبيان بطلانها إذ حكايتها كاشفة لتهافتها وسخافتها وأنها مقالة مجردة عن العقل والدين، وليس فيها إلا ترديد مقالة الوثنيين بدون أن يكون هناك عقل يميز أو دين يهدي ويرشد.

المطلب الثاني: قول فلاسفة الصوفية في إيجاد الكائنات.

لم يختلف قول ابن عربي واخوانه من فلاسفة الصوفية عن أسلافهم من الفلاسفة الوثنيين بشيء سوى أنهم أضفوا عليها أسماءً قد تكون إسلامية تمويهاً وتلبيساً فهو يزعم أن الله تعالى هو هذا الوجود كله وأنه ظهر في شكل هذه المخلوقات العلوية والسفلية، ويزعم أن الوجود تقاسمته أسماء الله (وأعظم هذه الأسماء هو الحقيقة المحمدية التي هي عنده عبارة عن مجموعة من الأسماء الإلهية وهي حسب كلامه: الرحمن الرحيم العظيم الخبير العلي الكريم الحميد (١) .

فأنشأ أولاً من هذه المجموعة من الأسماء ما سماه ابن عربي سيدنا محمد حيث يقول: ((وأول النشئ نشأ سيدنا محمد (على أكمل وجه وأبدع نظام بحر اللؤلؤ والمرجان المودع في العالم الأكبر والإنسان، ولما تعلقت إرادة الحق سبحانه يإيجاد خلقه وتقدير رزقه برزت الحقيقة المحمدية من الأنوار الصمدية في الحضرة الإلهية وذلك عندما تجلى لنفسه بنفسه من سماء الأوصاف ...

ثم قال: فكمن فيه كمون تنزيه ودخل جوده في حضرة علمه فوجد الحقيقة المحمدية على صورة حكمه، فسلخها من ليل غيبه فكانت نهاراً وفجرها عيوناً وأنهاراً، ثم سلخ العالم منها فكانت سما عليهم مدرارا وذلك أنه سبحانه اقتطع من نور غيبه قطعة لم تكن متصلة فتكون عنه عند التقاطع منفصلة (٢) ... ثم قال: ولما اقتطع القطعة المذكورة مضاهية للصورة أنشأ منها محمداً (على النشأة التي تنجلي أعلامها ولا يظهر من صفاته إلا أحكامها ثم انقطع العالم كله تفصيلاً على تلك الصورة وأقامه متفرقاً على غير تلك النشأة المذكورة)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>