للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي مقالة مركبة من قول فلاسفة اليونان القائلين بوحدة الوجود مثل: أكسينوفان (١) ، وبرمنيدس (٢) ، والرواقيين (٣) وغيرهم، ومن قول المؤلهة كأفلاطون (٤) ، وأرسطو (٥) ، وأفلوطين (٦) وغيرهم.

فقد أخذوا عن الأولين قولهم بوحدة الوجود وأن الله تعالى عن قولهم منبث في هذا الكون من أصغر ذرة إلى أكبر جرم فيه.

وأخذوا عن الآخرين قولهم بإثبات الوجود المطلق لله، والقول بصدور النفس الكلية عنه والتي تماثل وتشابه الأول الذي صدرت عنه، وهذه توازي عند ابن عربي وأتباعه ما يسميه الحقيقة المحمدية.

ثم عن النفس الكلية صدرت أرواح الكواكب كما هو عند أرسطو وهكذا هو عند ابن عربي حيث زعم أن الله أنشأ من الحقيقة المحمدية محمداً (ثم اقتطع العالم كله تفصيلاً على تلك الصورة بالخيال ثم أنشأ من الحقيقة سائر العالم المحسوس.

فمن هذا يتبين أن هذا الضال المضل أسس مذهباً مركباً من قول الفلاسفة الوثنيين وأضاف عليه بعض المسميات التي جاءت في الإسلام والشرع كاسم محمد (والعرش والكرسي ونحو ذلك، وذكر هذه الأسماء وإقحامها في مقولته لا تصحح انتماءه إلى الإسلام لا من قريب ولا بعيد بل هو مغرق في الإلحاد والكفر، وهو أشد كفراً وبعداً عن الحق من هذا الوجه من مقالة أرسطو وأتباعه، لأن أولئك اعتقدوا تنزيه الله (عن المحدثات على العموم والذي يعني التعطيل.

وهؤلاء قالوا بتنزيهه أي تعطيله أولاً، ثم جعلوه هو المحدثات طيبها وخبيثها حسنها وقبيحها، وهذا متضمن لنفي وجوده مرتين:

الأولى: بتعطيله وإثبات الوجود المطلق الذي هو وجود ذهني.

والثانية: بزعمهم أنه هو الوجود كله والكون كله.

فمن هنا فكل رد لنا على القائلين بوحدة الوجود أو على القائلين بالوجود المطلق من فلاسفة اليونان على مقتضى العقل (٧) هو رد على هؤلاء، وكذلك كل رد على الفلاسفة المنتسبين للإسلام بمقتضى الشرع (٨) هو رد على هؤلاء في تعطيلهم لله (وعدم وصفه بالصفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>