للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ إن دعوى هؤلاء الصوفية الضلال متناقضة غاية التناقض وهي أشد في تناقضها من دعوى فلاسفة اليونان المؤلهة، حيث يزعم هؤلاء أن الله تبارك وتعالى ليس له صفة ولا نعت ولا حد ولا ماهية ولا وجود إلا الوجود المحض، ثم يزعمون مع هذا أنه المادة قبل تشكلها وتصورها أو ما يسمونه التعين والظهور، فهذا تناقض بين لا يستقيم بحال؛ إذ كيف يستقيم أن يكون مادة ثم مع ذلك ليس له نعت ولا وصف ولا وجود ولا ماهية؟ هذا يعني شيئاً واحداً أن أصحاب هذه المقالة زنادقة امتلأت قلوبهم كفراً وإلحاداً فأخذوا يبرزون المقالات المتناقضة لعلهم بذلك يتوصلون إلى غرضهم في إضلال الناس مع التعمية على إلحادهم ودهريتهم.

٣ إن دعواهم أن الله لا صفة له ولا رسم ولا نعت ولا ماهية، كل هذه الدعاوى تمنع أن يكون خالقاً موجداً كما تمنع أن يكون هو هذا الكون، لأن حقيقة المقالة أنه غير موجود وإن كان موجوداً فهو عاجز لأنه لا صفة له ولا رسم ولا ماهية، فكيف يمكن أن يوجد ما له صفة ورسم وماهية ووجود؟ (ففاقد الشيء لا يعطيه.

٤ لو كانت دعوى ابن عربي وأمثاله صحيحة للزم من ذلك أن القرآن والسنة وجميع ما فيهما من العلوم والأوامر والنواهي كلمات جوفاء لا معنى لها حقيقي وظاهر، بل هي مجرد رموز لمعان بعيدة ظلت خفية على الرسول (وعلى أصحابه والمسلمين في العصور الأولى، بل استمر خفاؤها على المسلمين، ولم يعرف تلك المعاني الخفية إلا ابن عربي وأضرابه من أفراخ ملاحدة الفلاسفة.

٥- لماذا لم يصرح الله تبارك وتعالى بوحدة الوجود، ويدع إليها وينبه عليها؟ مع أن ذلك لو حدث لما وجد من يعارض ذلك ويرده لأن فيه أمران خطيران:

الأمر الأول: أن جميع البشر بل جميع الأشياء آلهة بل هم الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>