الأمر الثاني: أنه ليس هناك شيء محرم أو لا يجوز أو مكروه، بل كل شيء محبوب مطلوب سواء كان شركاً أو قبيحاً مثل الزنا أو الربا، أو بغياً وظلماً مثل القتل والاعتداء. فكل ذلك داخل في نطاق المباح الذي ليس فيه حرمة بوجه من الوجوه، إذ الكل الله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
٦ أن الرسول (لم يرد عنه لا من قريب ولا بعيد شيء يدل على دعوى وحدة الوجود، فما الذي منعه عليه الصلاة والسلام من الدعوة إلى ذلك والجهر به؟ مع كمال شجاعته وكمال نصحه وفصاحته وبلاغته عليه الصلاة والسلام، وهو الذي عرض نفسه للقتل في سبيل الله وفي بيان بطلان معبودات أولئك المشركين، بل استباح دماءهم وأموالهم بسبب شركهم، كما استباح المشركون أيضاً دمه (ودم أصحابه بسبب معارضته لمعبوداتهم ودعوته لهم إلى توحيد الله (. فبناءً على دعوى ابن عربي وأضرابه كل ذلك كان من العبث، إذ أن الأمر لا يستحق شيئاً من ذلك، لأن المشركين على دعوى ابن عربي وأضرابه إنما كانوا يعبدون الله -تعالى الله علواً كبيراً- فهل في الأقوال الفاسدة أفسد من هذه الأقوال.
٧ أن الله (قد لعن من أشرك معه في العبادة وأوجب له الخلود في النار وذلك في مثل قوله تعالى {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} المائدة (٧٢) ، كما لعن إبليس وذلك في قوله
{وأن عليك لعنتي إلى يوم الدين} ص (٧٨) ، كما لعن الله (اليهود في قوله {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بماعصوا وكانوا يعتدون} المائدة (٧٨) ، فالله (في هذه الآيات وغيرها كثير لعن وأثبت غضبه وعذابه لمن عبد شيئاً معه أو غيره عاماً أو خاصاً.
فلو كان الأمر كما زعم هؤلاء الزنادقة من أنه ما ثمَّ إلا الله وأن الوجود كله مظهر ومجلى لله (لكان لازم ذلك أن يكون الله (لعن نفسه -عياذاً بالله تعالى-وحكم على نفسه بالخلود في النار سبحانك هذا بهتان عظيم.