للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل المتعلق بإيجاب الوضوء من اللحم عادة وعرفاً هو الأكل لا اللمس أو غيره، وهذا ما فهمه عامة علماء المسلمين من الدليل فاختلفوا بين قائل بالنقض من أكل لحم الإبل وقائل بعدم النقض من الأكل لا غيره من اللمس والنظر ونحوه، وهذا ما فهمه عامة الصحابة والمسلمين من حديث (توضؤوا مما مست النار) (١) فاختلفوا بين قائل بالنقض من أكل ما مسته النار وبين قائل بعدم النقض من أكل ما مسته النار (٢) .

ب- إننا لم نجعل لحم الإبل شاملاً للنيء والمطبوخ لمجرد أنه غير مقيد بالطبخ كما تقررون بل لما سبق ذكره من العموم والقرينة.

ثانيا: إن الدليل الناسخ – حسب دعواكم – من باب الفعل النبوي (٣) ، وقد اختلف الأصوليون في حكاية الصحابي لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ ظاهره العموم هل تفيد العموم أو لا تفيده؟ على قولين رئيسين:

الأول: تفيد العموم (٤) .

الثاني: لا تفيد العموم (٥) .

قلت: وعلى أي من هذين القولين فإن التعارض الذي يحوج إلى القول بالنسخ منتف، وإليك تفصيل ذلك.

القول الأول (إفادة العموم)

قال الشيخ محمود السبكي عند شرحه لحديث جابر رضي الله عنه (كان آخر الأمرين..) في كتابه المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (٦) .

(.. ولما كان لحم الإبل فرداً مما مسته النار وقد نسخ وجوب الوضوء منه بجميع أفراده فاستلزم نسخ وجوبه من لحم الإبل، فما قاله النووي (٧) من أن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحم الإبل خاص، والخاص مقدم على العام مندفع بأنا لا نسلم أن نسخه لكونه خاصاً، بل لأنه فرد من أفراد العام الذي نسخ، وإذا نسخ العام الذي هو وجوب الوضوء مما مست النار نسخ كل فرد من أفراده ومنه لحم الإبل ...) .

وأجيب بأنه لا تعارض من وجهين:

١- إن الأمر بالوضوء من لحم الإبل لذاته وليس لأنه من مما مسته النار ولذا ينقض مطبوخاً ونيئاً كما بينا سابقاً.

يقول الإمام ابن قدامه في المغني (٨) :

<<  <  ج: ص:  >  >>