(إن أكل لحوم الإبل إنما نقض لكونه من لحوم الإبل لا لكونه مما مست النار، ولهذا ينقض وإن كان نيئاً، فنسخ إحدى الجهتين لا يثبت به نسخ الجهة الأخرى، كما لو حرمت المرأة للرضاع ولكونها ربيبة، فنسخ التحريم بالرضاع لم يكن نسخاً لتحريم الربيبة) .
٢- لو سلمنا جدلاً بأن الأمر بالوضوء من أكل لحم الإبل لكونه مما مسته النار، وسلمنا بالعموم في حديث جابر بن عبد الله رصي الله عنه فإنه لا تعارض يحوج إلى النسخ بل الجمع ممكن لأن دليلكم عام ودليل النقض بلحم الإبل خاص، والخاص يقدم على العام سواء كان قبله أو بعده (١) على رأي جمهور الأصوليين (٢) .
قلت: أما ما قاله صاحب المنهل العذب المورود في تعقيبه السابق على الإمام النووي من أن نسخ الوضوء بأكل لحم الإبل ليس لكونه خاصاً بل لكونه فرداً من أفراد العام الذي نسخ فكلام غريب حقاً لأن التخصيص كما يقرر الأصوليون (٣) هو إخراج بعض ما كان داخلاً تحت العموم على تقدير عدم المخصص، أو بيان أن بعض مدلول اللفظ غير مراد بالحكم.
وهذا يقتضي إخراج لحم الإبل من أفراد العام (ما مسته النار) الذي حكم فيه بعدم النقض.
القول الثاني (عدم إفادة العموم)
قال العلامة ابن القاسم في حاشيته (٤) على تحفة المحتاج - معلقاً على قول صاحب التحفة (٥) عندما اعترض على أصحابه الشافعية القائلين بعدم النقض فقال: (ونوزعوا بأن فيه حديثين صحيحين ليس عنهما جواب شاف) -: