(أقول هذا ممنوع بل عنهما الجواب الشافي وهو جواب الأصحاب بنسخهما بحديث جابر وكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار، وأما اعتراض النووي عليه بأن هذا الجواب ضعيف أمر باطل لأن حديث ترك الوضوء مما مسته النار عام وحديث الوضوء من لحم الجزور خاص والخاص مقدم على العام تقدم أو تأخر اه، فهو اعتراض باطل فإن هذين الحديثين ليسا من العام والخاص اللذين يقدم منهما الخاص مطلقاً، إذ عبارة جابر لم يحكها النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكونا من ذلك، وإنما هي من عند نفسه بين بها ما عرفه من حال النبي صلى الله عليه وسلم وما استقر عليه أمره وذلك صريح في النسخ واطلاعه على تركه عليه الصلاة والسلام الوضوء مما غيرت النار مطلقاً، وهذا في غاية الوضوح
للمتأمل، فجواب الأصحاب في غاية الاستقامة والظهور) .
وأجيب بالآتي:
١- لو سلمنا جدلاً أن حديث جابر بن عبد الله صريح في النسخ فإنما هو نسخ للوضوء من أكل ما مسته النار، وقد ذكرنا سابقاً أن الوضوء من أكل لحم الإبل لذاته لا لكونه مما مسته النار، وهذا ظاهر لأن حديث الأمر بالوضوء من أكل لحم الإبل تضمن عدم وجوب الوضوء من أكل لحم الغنم و ےهو مما مسته النار.
٢- إنه ليس في حديث جابر بن عبد الله ما يدل على نسخ الوضوء مما مسته النار صراحة كما تدعون، بل هو قضية عين وحكاية لفعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك في آخر الأمر الوضوء مما مسته النار، وكل ما تدل عليه أن أكل ما مسته النار لا يوجب الوضوء (١) .
يوضح ما قلناه ما ذكره ابن أبي حاتم في كتابه علل الحديث (٢) حيث قال: