للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرد الثالث: إن القرائن التي تحف بالدليل المدعى نسخه تؤكد عدم النسخ ومن ذلك:

١- إن الدليل أمر بالوضوء من أكل لحم الإبل ولم يأمر به في لحم الغنم مع أنه لا فرق بينهما، فلو كان هناك نسخ بسبب مس النار لساوى بينهما. (١)

٢- إن الدليل يدل على أن أكل ما مسته النار لا ينقض الوضوء حيث خير النبي صلى الله عليه وسلم السائل في الوضوء من لحم الغنم بين الفعل والترك، وهذا هو نفس ما يدل عليه الدليل الناسخ عندكم، فكيف يكون دليلنا منسوخاً؟ .

٣- إن الدليل إذا كان منسوخاً لأنه من باب ما مسته النار – كما تقررون – فإن هذا يقتضي أن ينسخ شطر الحديث – عدم الأمر بالوضوء من لحم الغنم – شطره الآخر - الأمر بالوضوء من لحم الإبل – وهذا غير ممكن.

٤- إن الدليل أمر بالوضوء من لحم الإبل مع نهيه عن الصلاة في مباركها في سياق واحد مع ترخصه في ترك الوضوء من لحم الغنم وإذنه في الصلاة في مرابضها، أي أن الإبل اختصت بوصف قابلت به الغنم واستوجبت لأجله فعل التوضؤ وترك الصلاة، وهذا الحكم باق ثابت في الصلاة فكذلك ينبغي أن يكون في الوضوء (٢) .

المناقشة الثانية:

إن المراد بالوضوء في الدليل غسل اليدين والفم (الوضوء اللغوي) (٣) لما يأتي:

أولا: الجمع بين الأحاديث الدالة على ترك الوضوء مما غيرت النار (٤) وبين دليلكم الذي يأمر بالوضوء من أكل لحم الإبل، قال العلامة القرافي في الذخيرة (٥) :

(أكل ما مسته النار أو شربه لا يوجب وضوءاً خلافاً لأحمد في لحوم الإبل ... لما في الموطأ (٦) أنه عليه السلام أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ، وأما الأحاديث الواردة في الوضوء فمحمولة على الوضوء اللغوي جمعاً بين الأحاديث) .

وأجيب بما سبق من أنه لا تعارض بين دليلنا الذي يوجب الوضوء من أكل لحم الإبل وبين الأدلة الدالة على ترك الوضوء مما مستهالنار – كما بينا (٧) سابقاً – فلا حاجة للجمع أصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>