ثانياً: إن إطلاق الوضوء على غسل اليدين استعمال شائع في عرف الشرع، قال في رأب الصدع (١) : (... حديث جابر بن سمرة والبراء متأولان على معنى النظافة ونفي الزهومة ... وذلك استعمال شايع في عرف الشرع.
أقول: ولا يلتفت إلى القول بأن الوضوء في عرف الشرع إنما يطلق على غسل جميع أعضاء الوضوء، إذ يطلق في عرف الشرع على غسل اليدين، قال في النهاية (٢) : الوضوء قد يراد به غسل بعض الأعضاء) .
ومن الأدلة على هذا الاستعمال (٣) ما يلي:
ما أخرجه الترمذي في جامعه (٤) بسنده عن عِكْراش بن ذؤيب وفيه (.. ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه، وقال: يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار) .
ما أخرجه البيهقي في سننه (٥) بسنده عن معاذ بن جبل أنه قال:
(ليس الوضوء من الرعاف والقيء ومس الذكر وما مست النار بواجب فقيل له:
إن أناساً يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: توضؤوا مما مست النار، فقال: إن قوماً سمعوا ولم يعوا، كنا نسمي غسل اليد والفم وضوءاً وليس بواجب، وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يغسلوا أيديهم وأفواههم مما مست النار وليس بواجب) .
ما أخرجه الترمذي في جامعه (٦) بسنده عن سلمان الفارسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) .
ما أخرجه الطبراني في الأوسط بسنده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء قبل الطعام وبعده مما ينفي الفقر وهو من سنن المرسلين. (٧)
ما روى عنه صلى الله عليه وسلم من قوله (توضؤوا من اللبن فإن له دسما) . (٨)
قلت: وقد بحثت عن هذا الحديث بهذا اللفظ في المصادر الحديثية المتوفرة عندي فلم أجده. (٩)
... وأجيب بالآتي:
أ- لا يسلم لكم أن إطلاق الوضوء على غسل اليدين استعمال شائع في عرف الشرع لسببين: