للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الوضوء للصلاة من باب الحقيقة الشرعية فإنه عند الإطلاق يصرف إلى المعنى الشرعي لا اللغوي ما لم يوجد دليل يصرفه إلى المعنى اللغوي (١) .

(إنه لا يطلق الوضوء في الشريعة إلا لوضوء الصلاة فقط، وقد أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إيقاع هذه اللفظة على غير الوضوء

للصلاة، كما رويناه (٢) من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء من الغائط وأتى بطعام، فقيل: ألا تتوضأ؟ فقال عليه السلام لم أصلى فأتوضأ) (٣) .

ثالثاً- إن النبي عليه السلام لو أراد في الحديث الوضوء للصلاة لقال كما قال (٤) : من جامع

ولو يمن فليتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره (٥) .

وأجيب بالآتي:

أ- إن قولكم يقتضي أن ما جاء بلفظ الوضوء في الأحاديث النبوية غير مقيد بهذا القيد فانه لا يحمل على الوضوء الذي للصلاة (الشرعي) ، وهذا لا يقول به أحد لأن غالب أحكام الوضوء جاءت في أحاديث مطلقة من القيد السابق.

ب- إن هذا القيد كان منه عليه الصلاة والسلام قبل استقرار وانتشار المعنى الشرعي للوضوء (في أول الإسلام) ، يؤكد ذلك ما أخرجه الإمام ابن خزيمة (٦) وغيره بسنده عن أبي بن كعب قال: إن الفتيا التي كانوا يقولون

(الماء من الماء) رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام ثم أمر بالغسل بعدها) .

ج‍- ما سبق من أن لفظ الوضوء حقيقة شرعية في الوضوء الذي للصلاة فلا يعدل عنه عند الإطلاق إلا بدليل.

رابعاً- إن النبي صلى الله عليه وسلم (قال صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل، وليس ذلك من أجل أن بين الأمرين فرقاً في باب الطهارة والنجاسة لأن الناس على أحد قولين: أما قائل يرى نجاسة الأبوال كلها، أو قائل يرى طهارة بول ما يؤكل لحمه، والغنم والإبل سواء عند الفريقين في القضيتين معاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>