للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ويعلم أصحاب الفرية المدعين أن الإسلام دين خاص بالعرب ليعلم هؤلاء أنه لا يلزم من قومية اللغة قومية الرسالة وخصوصيتها لأصحاب هذه اللغة.. إن اللغة لون ثقافي، والثقافة أمر مشاع لبني الإنسان وإذا لم يُسلم هؤلاء بأن عربية المعجزة الإسلامية لا يمنع من عالميتها، فكيف يُساغ بميزان منطقهم إيمان اليهود والنصارى العرب بالتوراة مع أنها كتبت بالعبرية؟ وكيف يساغ بميزان منطق المدعين إيمان النصارى من العرب بالأناجيل الأربعة متى، مرقس، يوحنا، لوقا. مع أن هذه الأناجيل قد كتبت بغير العربية (١) .

أليس هذا الأمر كافياً لإثبات أن نزول القرآن باللغة العربية لا يدل أبداً على إختصاص دعوته بالعرب؟ وأن عامل اللغة لا علاقة له ولا تأثير في خصوصية شئ وعموميته؟

ثم إنه ليكفي في الدلالة على عالمية الإسلام أن دعوته لا توجه إلى جنس من الأجناس ولا إلى قومية من القوميات وإنما توجه دعوته إلى الناس كافة ولذلك لم يؤثر ورود الخطاب ب (يا آيها الناس) .. الخطاب المشير إلى العموم لم يؤثر ورود هذا الخطاب في القرآن الكريم إلا على لسان خاتم الأنبياء.. قال تعالى مخاطباً محمداً صلى الله عليه وسلم: (قل يا آيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) (٢) وقال سبحانه وتعالى: (قل يا آيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين) (٣) .

ومن هنا فإن اختصاص خاتم الأنبياء بهذا النداء بين سائر الرسل ليدل دلالة واضحة على عالمية الدعوة الإسلامية ومن ثم لا يكون هناك أدنى غرابة في إتصاف الثقافة النابعة من هذه الدعوة بالأصالة والرسوخ والدوام والإستمرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>