للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا نصل إلى القول بأن أسس ومرتكزات الثقافة الإسلامية قامت على أصول وثوابت لا تزعزعها الآراء، ولا تجرفها الأهواء، وأنها في ثباتها وقوتها كالجبال الراسية الراسخة، وأن ثقافةً هذه مرتكزاتها لهي جديرة بأن تكون هي الثقافة الحق الأولى بالإتباع والتبني والأخذ بها وبتعاليمها الداعية إلى عبادة الله وحده. وأن هذه الثقافة هي أس وأساس الحضارة الداعية إلى العلم وإلى ترقية الحياة على وجه الأرض.

الفصل الخامس: العلاقة بين الثقافة والحضارة والعلم

أولاً: العلاقة بين الثقافة والحضارة:

قبل أن أناقش هذه العلاقة من وجهة النظر الإسلامية فإنه يجدر بي أن أُعرج وبشكل مقتضب على ما كتب عن هذه العلاقة والمفارقة بين هذه المسميات بشكل عام فأقول إن الثقافة مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالحضارة، وإن كان هذا الإرتباط من وجهة نظر الكثيرين ممن كتبوا عن هذه العلاقة إرتباط عموم وخصوص، وهذا ما أميل إليه فإن الحضارة هي التطبيق المادي للتراث الثقافي وفي في الوقت نفسه ومن ناحية أخرى وليدة هذا التراث في البيئة التي تقوم فيها، ثم إنها كذلك بمثابة المرآة التي تعكس لنا مقومات ومميزات ثقافة المجتمع التي تنتسب إليه وهي تعبر عن المستوى الذي بلغه هذا المجتمع في فكره وأخلاقه وقيمه وعاداته ووسائل التقنية التي يستخدمها، ونقول أيضاً أن هذه العلاقة بينما تبرز بوضوح في التأثير والتأثر فيما بينهما فجميع عناصر الحضارة تحمل جانباً ثقافياً كما أن الثقافة في الوقت نفسه تحمل الصفة الخاصة بعناصرها الحضارية وبصفة يمكن القول أن الحضارة تمثل الواجهة الخارجية للثقافة.

وأما الرأي الثاني لبعض من تعرضوا لهذه العلاقة فمفاده (أن الحضارة هي كل ما أبدعه العقل البشري في مجال الفكر والمعرفة وفي جوانب الحياة المادية أيضاً. بينما يرى آخرون أن الحضارة تختص بالتعبير عن الوسائل والإختراعات والإبتكارات الصناعية والمادية وحدها) (١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>