للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما وشائج اللحم والدم والأرض والطين، كالجنس واللون والقومية والقرابة والإقليمية ... الخ فإن الإسلام يرفع الإنسان عن مستواها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول للمهاجرين (دعوها فإنها منتنة) (١) . يعني العصبية وهنا نقول إن الآصرة الكبرى والأقوى في الإسلام هي العقيدة، وهي التي تجعل المنضوين تحتها أخوة (إنما المؤمنون أخوة) وبعضهم أولياء بعض (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) (٢)

إن التاريخ الإسلامي يُذكرنا إنه حين انعقدت آصرة العقيدة في نفوس المسلمين تحطمت الهجمات الصليبية عليهم، فالقادة الذين نسوا الإنتماءات العرقية ووشائج الدم والأرض والقوم قادوا المسلمين إلى النصر، ومن أولئك صلاح الدين الأيوبي الكردي ونوران شاه، والظاهر بيبرس، وسيف الذين قطز، وغيرهم كثير إن هذه القيادات نسيت القوم والأرض وتمسكت بالعقيدة فانتصرت تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.

ولآصرة التجمع الأساسية في المجتمع الإسلامي حكمة ربانية بالغة ومن ثم فهي عقلية وعلمية يقول الأستاذ/سيد قطب: (حين تكون آصرة التجمع الأساسية في مجتمع ما هي العقيدة والتصور والفكرة ومنهج الحياة فإنه يكون ذلك ممثلاً لأعلى ما في إنسانية الإنسان من خصائص، أما حين تكون آصرة التجمع في مجتمع ما هي الجنس واللون والقوم والأرض وما إلى ذلك من روابط فإنها كلها لا تمثل الخصائص العليا للإنسان.

والخلاصة أن المجتمع الذي يتجمع فيه الناس على أمر يتعلق بإرادتهم الحرة واختيارهم الذاتي الموافق لما شرعه مولاهم المتحضر والمجتمع الذي يجتمع فيه الناس على أمر خارج عن إرادتهم الإنسانية فهو المجتمع المتخلف وفي المصطلح الإسلامي يطلق عليه المجتمع الجاهلي) (٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>