الأصل الثاني: وهو تمثل العقيدة رابطة التجمع الأساسية في المجتمع وبذلك يصبح المجتمع الإسلامي هو المجتمع الوحيد المتحضر لأن العقيدة وحدها تمثل رابطة التجمع الأساسية فيه فالعقيدة هي الجنسية التي تجمع بين الأبيض والأسود والأصفر العربي والفارسي والرومي والحبشي، فسائر أجناس البشر يجتمعون في أمة واحدة ربها هو الله سبحانه وتعالى، ومنهجها واحد لأنه من الله سبحانه وتعالى والأتقى فيها هو الأكرم عند الله، والعقيدة هي الوطن فلا وطن للمسلم إلا الذي تقام فيه شريعة الله فتقوم الروابط بينه وبين سكانه على أساس الإرتباط في الله وبهذا يكون الإرتباط على أساس العقيدة هو الذي يجعل المسلم عضواً في دار الإسلام.
إنه لا قرابة للمسلم بحق إلا تلك التي تنبثق من العقيدة في الله فتصل الوشيجة بينه وبين أهله في الله، إنه على أساس من العقيدة طرد الإسلام أبا لهب عم الرسول العربي القرشي الهاشمي من الجنسية الإسلامية كما يقول (الشيخ على الطنطاوي) بل وجعل سبه عبادة وشتمه صلاة (تبت يدا أبي لهب وتب) وعلى عكس ذلك نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يضم عبداً فارسياً غير عربي لا إلى الإسلام فقط بل إلى بيت النبوة (سلمان منَّا أهل البيت)(١) . وعلى أساس العقيدة يفرق الإسلام بين نوح وزوجته ولوط وزوجته (ضرب الله مثلاً للذين كفروا إمرأة نوح وإمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل أدخلا النار مع الداخلين)(٢) وعلى العكس من ذلك يحدث مع فرعون وامرأته (وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين)(٣) .