للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل الثالث: إن من الأصول ومقومات الحضارة الإسلامية أن تكون (إنسانية الإنسان هي القيمة العليا في المجتمع وأن تكون الخصائص الإنسانية هي موضع التكريم والإعتبار، فعندئذ يكون المجتمع متحضراً أما حين تكون المادة في أي صورة هي القيمة العليا سواء في صورة النظرية كما في التفسير الماركسي للتاريخ أو في صورة الإنتاج المادي كما في سائر المجتمعات التي تعتبر الإنتاج المادي قيمة تهدر في سبيلها القيم والخصائص الإنسانية فإن هذا المجتمع يكون مجتمعاً متخلفاً (١) مهما بلغت درجة تقدمه العلمي وإنتاجه الإقتصادي والصناعي، وهذا الكلام لا يعني أن المجتمع الإسلامي يحتقر المادة ولكنه فقط لا يعتبرها القيمة العليا التي تهدر في سبيلها خصائص الإنسان ومقوماته، وتهدر من أجلها حرية الفرد وكرامته، ويهدم فيها بنيان الأسرة، وتصادر فيها أخلاق المجتمع وحرماته.

إن المجتمع المتحضر هو الذي تكون فيه القيم الإنسانية والأخلاق الفاضلة في مكان الصدارة لأن هذه القيم هي التي تنمي الخصائص الإنسانية في الإنسان وتميزه عن غيره من سائر المخلوقات وهذه القيم في المجتمع الإسلامي ثابتة وليست متغيرة كما هو الحال عند التقدميين والتطوريين أصحاب التفسير المادي للتاريخ وهذه القيم هي التي قررتها ودعت إلى التخلق بها الشريعة الإسلامية، وما على الإنسان إلا أن يمضي في بنائها وصيانتها في المجتمعات التي يقيمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>